الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الوصايا

          ░55▒ كتاب الوصايا
          قال الحافظ: الوصايا: جمع وصيَّة كالهدايا، وتُطلق على فعل الموصِي وعلى ما يوصي(1) به مِنْ مالٍ أو غيره مِنْ عبد(2) ونحوه، فتكون بمعنى المصدر وهو الإيصَاء، وتكون بمعنى المفعول وهو الاسم، وفي الشَّرع: عهد خاصٌّ مضاف إلى ما بعد الموت، وقد يصْحَبه التَّبرُّع، قالَ الأَزْهريُّ: الوصيَّة مِنْ وصَيت الشَّيء _بالتَّخفيف_ أوصيه(3) إذا وصلته، وسُمِّي وصيَّة لأنَّ الميِّت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته، وتُطلق شرعًا أيضًا على ما يقع به الزَّجر عن المنهيَّات والحثِّ على المأمورات. انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: هي لغةً: الإيصَال، لأنَّ الموصِي وصل خير دُنْيَاه بخَيْر عُقْبَاه، وشرعًا: تبرُّع بحقٍّ مضاف إلى ما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق وإن التحقا بها حكما في حسابهما / مِنَ الثُّلث كالتَّبرُّع المنجز في مرض الموت أو الملحق به. انتهى.
          وفي «الهداية»: القياس يأْبَى جَوازَ الوصيَّة لأنَّه تَمْلِيكٌ مضَافٌ إلى حَالِ زَوَالِ مَالِكِيَّتِه إلَّا أنَّا اسْتَحْسَنَّاه لحاجة النَّاس إليها، فإنَّ الإنسان مغرور بأَمَله مقصِّر في عمله، فإذا عَرَضَ له المرَض، وخاف البيات(4) يحتاج إلى تلافي بعضِ ما فرَط منه، وقد نطق به الكتاب والسُّنَّة، وعليه إجماع الأُمَّة. انتهى ملخَّصًا.
          قال ابن عابدين: الوصيَّة أربعة أقسام:
          واجبة: كالوصيَّة بردِّ الودائع والدُّيون المجهولة.
          ومستحبَّة: كالوصيَّة للكفَّارات وفدية الصَّلاة ونحوها.
          ومباحة: كالوصيَّة للأغنياء مِنَ الأجانب والأقارب.
          ومكروهة: كالوصيَّة لأهل الفسوق والمعاصي. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((يوصَى)).
[2] في (المطبوع): ((عهد)).
[3] في حاشية (المطبوع) عن «عمدة القاري»: ((أَصيه))، وهو الصواب.
[4] في (المطبوع): ((البيان)).