الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الحوالة

          ░░38▒▒ كتاب الحَوَالة
          وفي نسخة «الفتح»: <باب: الحَوَالة>، وفي القَسْطَلَّانيِّ <باب: في الحوالة>، وفي «نسخة العَينيِّ» : <كتاب الحوالات>.
          قال الحافظ: <باب: الحَوَالة> كذا للأكثر، وزاد النَّسَفيُّ والمُسْتَمْلي بعد البسملة: <كتاب الحوالة>، والحَـِوالة _بفتح الحاء وقد تُكسر_: مشتقَّة مِنَ التَّحويل أو مِنَ الحول، وهو عند الفقهاء نقلُ دَين مِنْ ذمَّة إلى ذمَّة.
          واختلفوا هل هي بيع دَين بدَين رُخِّص فيه فاستثنى مِنَ النَّهي عن بيع الدَّين بالدَّين، أو هي استيفاء؟ وقيل: هي عقد إرفاق مستقلٌّ، ويُشترط في صحَّتها رضا المحيل بلا خلاف، والمحتالِ عند الأكثر، والمحالِ عليه عند بعضٍ شذَّ، ويُشترط أيضًا تماثل الحقَّين في الصِّفات، وأن يكون في شيء معلوم، ومنهم مَنْ خصَّها بالنَّقدين ومنعها في الطَّعام لأنَّه / بيع طعام قبل أن يُستوفى(1). انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: للحوالة ستَّة أركان... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          وفيه: وعلم ممَّا سبق أنَّ رضا الثَّلاثة_ المحيل والمحال والمحال عليه_ شرطٌ عند الحنفيَّة، أمَّا المحيل فيُعتبر رضاه إجماعًا، والمحتال يُعتبر رضاه عندنا والشَّافعيِّ ومالك، خلافًا لأحمد، وأمَّا المحتال عليه فيعتبر رضاه عندنا، وهو أحد قولَي الشَّافعيِّ، والمشهور عنه أنَّه لا يُعتبر رضاه، وبه قال أحمد، وقال مالك إن كان بين المحال والمحال عليه عداوة يُعتبر رضاه وإلَّا لا. انتهى.
          ░1▒ (باب: في الحَوَالة، وهل يَرْجِع في الحَوَالة...) إلى آخره
          قال الحافظ: هذا إشارة إلى خلافٍ فيها هل هي عقد لازم أو جائز؟ انتهى.
          وفي «الفيض»: والمصنِّف أبهم في الكلام، وراجع له «الهداية» فقد يجوز رجوع المحتال على المحيل في جزئيَّات، فمِنْ جملة تلك الجزئيَّات هذه، وقوله: (يتَخَارج الشَّرِيكَان) والتَّخَارُجُ بابٌ في السِّرَاجِيِّ وهذا باب في الورثة، والمصنِّف وضعه بين الشُّركاء أيضًا، وله وجه أيضًا. انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (وقال الحسن...) إلى آخره، ومفهومه: إذا كان مفلسًا يوم الحوالة له الرُّجوع، ومذهب الشَّافعيِّ أنَّ المحتال لا يرجع بحال حتَّى لو أفلس المحال عليه ومات أو لم يمت أو جَحد وحَلف لم يكن للمحتال الرُّجوع على المحيل، كما لو تعوَّض عن الدَّين ثمَّ تلف الدَّين في يده، وكذا لو بان المحال عليه عبدًا لغير المحيل، بل يطالبه بعد العتق، وقال الحنابلة: يرجع على المحيل إذا شرط ملاءة المحال عليه فتبيَّن مفلسًا، وقال المالكيَّة: يرجع عليه فيما إذا حصل منه غرور بأن يكون إفلاس المحال عليه مقترنًا بالحوالة وهو جَاهل به مع عِلم المُحِيل به، وقال الحنفيَّة: يَرْجِع علَيْه إذا تَوِيَ(2) حَقَّه، والتَّوي(3) عند أبي حنيفة: إمَّا أن يَجْحَد الحوالة ويَحْلِف ولا بَيِّنَة عليه أو يَمُوت مُفْلِسًا، وقال محمَّد وأبو يوسف: يَحْصل التَّوي(4) بأمر ثالث، وهو أن يحكم الحاكم بإفلاسه في حال حياته. انتهى.
          والبسط في «هامش اللَّامع»: وهذا الرُّجوع المذكور هو رجوع المحال_ أي الدَّائن_ على المحيل أي المديون.
          وأمَّا رجوع المحتال عليه على المحيل ففي «البدائع»: وجملة الكلام في الرُّجوع في موضعين: في بيان شرائط الرُّجوع، وفي بيان ما يرجع به، أمَّا شرائطه فأنواع منها: أن تكون الحوالة بأمر المحيل، فإن كانت بغير أمره لا يرجع لأنَّ الحوالة إذا كانت بأمر المُحِيل صار المحال مملَّكًا الدَّين مِنَ المحال عليه بما أدَّى إليْهِ مِنَ المال، فكان له أن يرجع بذلك على المُحِيل، وإن كانت بغير أمره لا يوجد معنى التَّمليك، فلا تثبت ولاية الرُّجوع، ومنها ألَّا يكون للمحيل على المحال عليه دين مثله، فإن كان لا يرجع... إلى آخر ما بسطه.


[1] فتح الباري:4/464
[2] (ت وي): (تَوِيَ) الْمَالُ هَلَكَ وَذَهَبَ تَوًى فَهُوَ تَوٍ وَتَاوٍ. (المغرب في ترتيب المعرب، ص63)
[3] في (المطبوع): ((والتَّوَى)).
[4] في (المطبوع): ((التَّوَى)).