الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب المريض يطوف راكبا

          ░74▒ (باب: المريض يطوف راكبًا)
          قال الحافظ: أورد فيه حديث ابن عبَّاس وحديث أمِّ سَلَمة، والثَّاني ظاهر فيما ترجم له لقولها فيه: ((إنِّي أشتكي))، وأمَّا حديث ابن عبَّاس فالمصنِّف حمل طوافه صلعم راكبًا على أنَّه كان عن شكوى، وأشار بذلك إلى ما أخرجه أبو داود مِنْ حديث ابن عبَّاس أيضًا بلفظ: ((قدمَ النَّبيُّ صلعم مكَّة وهو يشتكي، فطاف على راحلته)) ووقع في حديث جابر عند مسلم: ((أنَّه صلعم طاف راكبًا ليراه النَّاس وليسألوه)).
          ويحتمل أن يكون / فعل ذلك للأمرين، وحينئذٍ لا دلالة فيه على جواز الطَّواف راكبًا لغير عذر... إلى آخر ما قال.
          ومسألة الطَّواف راكبًا خلافيَّة، ففي «جزء حجَّة الوداع» وهل المشي واجب أو مندوب؟ قال ابن القيِّم: المشي أفضل، وفي «مناسك القاري» واجب.
          قالَ الموفَّق: لا نعلم بين أهل العِلم خلافًا في صحَّة طواف الرَّاكب إذا كان له عذر، وأمَّا الطَّواف راكبًا أو محمولًا بغير عذر فمفهوم كلام الخَرَقِيِّ أنَّه لا يجزئه، وهو إحدى الرِّوايتين عن أحمد، والثَّانية: يجزئه، وهو قول مالك، وبه قال أبو حنيفة إلَّا أنَّه قال: يعيد ما دام بمكَّة، فإن رجع جبره بدم، والثَّالث: يجزئه ولا شيء عليه وهو مذهب الشَّافعيِّ، ولا خلاف في أنَّ الطَّواف راجلًا أفضلُ(1). انتهى.
          قلت: وما حكى الموفَّق مِنْ(2) مذهب أبي حنيفة هو المرجَّح مِنْ مذهبِ مالكٍ أنَّه يعيد ما دام بمكَّة، فإن رجع فعليه دم، [كما] قاله الدُّسوقيُّ، والبسط في «الأوجز».


[1] المغني لابن قدامة:3/358 مختصرا
[2] في (المطبوع): ((عن)).