الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}

          ░6▒ (باب: قول الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا} إلى آخره [البقرة:197])
          قال الحافظ: قال مقاتل بن حيَّان: لمَّا نزلت قام رَجل فقال: يا رسول الله! ما نجد زادًا، فقال: ((تزوَّد ما تكفُّ به وجهك عن النَّاس، وخير ما تزوَّدتم التَّقوى)). انتهى.
          قلت: وعلى هذا الظَّاهرُ أنَّ المراد بالتَّقوى معناه المعروف، وإليه مال القَسْطَلَّانِي إذ قال: قوله: {وَتَزَوَّدُوا} [البقرة:197] أي: ما يكفُّ وجوهكم عن النَّاس، ولمَّا أمرهم بزاد الدُّنيا أرشدهم إلى زاد الآخرة فقال: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة:197](1). انتهى.
          وقال الحافظ بعد حديث الباب: قالَ المهلَّبُ: في هذا الحديث مِنَ الفقه أنَّ ترك السُّؤال مِنَ التَّقوى، ويؤيِّده أنَّ الله مدح مَنْ لم يسأل النَّاس إلحافًا، فإنَّ قوله: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة:197] أي: تزوَّدوا واتَّقوا أذى النَّاس بسؤالكم إيَّاهم والإثم في ذلك. انتهى.
          وعلى هذا المرادُ مِنَ التَّقوى: التَّقوى والاحتراز عن السُّؤال، واختار هذا المعنى في «تفسير الجلالين».
          قلت: ولا يبعد عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ في توسيط المصنِّف هذا الباب بين أبواب المواقيت إشارة إلى أنَّ التقوى وإن كان مطلوبًا في سائر سفر الحجِّ لكنَّه فيما بين المواقيت آكدُ.


[1] إرشاد الساري:3/98