الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الكلام في الطواف

          ░65▒ (باب: الكلام في الطَّواف)
          أي: إباحته، وإنَّما لم يصرِّح بذلك لأنَّ الخبر ورد في كلام يتعلَّق بأمرٍ بمعروف لا بمطلق الكلام، ولعلَّه أشار إلى الحديث المشهور عن ابن عبَّاس موقوفًا ومرفوعًا: ((الطَّواف بالبيت صلاةٌ إلَّا أنَّ الله تعالى أباح فيه الكلام، ومَنْ نطق فلا ينطقْ إلَّا بخير)) أخرجه أصحاب «السُّنن» وصحَّحه ابن خُزَيمة وابن حبَّان، وقد استنبط منه ابن عبد السَّلام أنَّ الطَّواف أفضلُ أعمال الحجِّ لأنَّ الصَّلاة أفضلُ مِنَ الحجِّ، فيكون ما اشتملت عليه أفضلَ، قال: وأمَّا حديث: ((الْحَجُّ عَرَفَةُ)) فلا يتعيَّن، التَّقدير: معظم الحجِّ عرفة، بل يجوز إدراك الحجِّ بالوقوف بعرفة.
          قال الحافظ: وفيه نظر، ولو سُلِّم فما لا يتقَوَّم الحجُّ إلَّا به أفضلُ ممَّا ينجبر، والوقوف والطَّواف سواءٌ في ذلك، فلا تفضيل. انتهى.
          وقال الحافظ أيضًا تحت حديث الباب: قال ابن بطَّالٍ في هذا الحديث: إنَّه يجوز للطَّائف فعلُ ما خفَّ مِنَ الأفعال، وتغيير ما يراه الطَّائف مِنَ المنكَر، وفيه الكلام في الأمور الواجبة والمستحبَّة والمباحة.
          قال ابن المنذر: أَولى ما شَغل المرءُ به نفسه في الطَّواف ذكرُ الله تعالى وقراءة القرآن، ولا يحرم الكلام المباح.
          وحكى ابن التِّينِ خلافًا في كراهة الكلام المباح، وعن مالكٍ تقييدُ الكراهة بالطَّواف الواجب.
          قال ابن المنذر: واختلفوا في القراءة، فكان ابن المبارك يقول: ليس شيءٌ أفضلَ مِنْ قراءة القرآن، واستحبَّه الشَّافعيُّ، وقيَّده الكوفيُّون بالسِّرِّ، وروى(1) عن الحسن كراهته، وعن مالكٍ أنَّه محدَثٌ، وعنه أنَّه لا بأس إذا أخفاه ولم يكثر منه(2). انتهى.
          وقالَ الموفَّق: يُستحبُّ أن يدع الحديث إلَّا ذكرَ الله [تعالى]، أو قراءة القرآن، أو أمرًا بالمعروف، [أو نهيًا عن منكر] أو ما لا بدَّ منه، ولم يذكر فيه خلاف أحد، وتقدَّم شيء منه في (باب: التَّكبير عند الرُّكن).


[1] في (المطبوع): ((ورُوي)).
[2] فتح الباري:3/483 مختصرا