الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب طواف القارن

          ░77▒ (باب: طواف القارن)
          قال الحافظ: أي: هل يكتفي بطواف واحد أو لا بدَّ مِنْ طوافين؟(1) انتهى.
          قلت: الأوَّل مذهب الأئمَّة الثَّلاثة، والثَّاني مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة والكوفيِّين، فإنَّهم قالوا: لا بدَّ للقارن مِنْ طوافين وسَعْيَين.
          قالَ السِّنْديُّ: قوله: ((فإنَّما طافوا طوافًا واحدًا)) ظاهرُه أنهم إنَّما اقتصروا مِنَ الطَّوافين اللَّذين طافهما السَّابقون على أحدهما، إمَّا الأوَّل وإمَّا الثَّاني، وليس الأمر كذلك، بل هم أيضًا طافوا الطَّوافين الأوَّل والثَّاني جميعًا، وذلك ممَّا لا خلاف فيه، وقد جاء صريحًا عن ابن عمر ففي «صحيح مسلم» عنه: ((وبدأ رسول الله صلعم فأهلَّ بالعُمْرَة، ثمَّ أهلَّ بالحجِّ إلى أن قال: وطاف رسول الله صلعم حين قدم مكَّة، إلى أنْ قال: ونحر هديه يوم النَّحر وأفاض، وطاف بالبيت، وفعل مثلَ ما فعل رسولُ الله صلعم(2) مَنْ أهدى وساق الهدي مِنَ النَّاس)) ثمَّ ذكر عن عائشة أنَّها أخبرت بمثل ذلك، وسيجيء هذا الحديث في الكتاب أيضًا في (باب: سَوق البُدن) فالمراد كما سبق أنَّهم طافوا للركُّن طوافًا [واحدًا و[السَّابقون] طافوا للرُّكن طوافين]، والله تعالى أعلم.
          وبسط العلامة السِّنْديُّ أيضًا الكلام على حديث ابن عمر ثاني(3) حديثي الباب أشدَّ البسط فللَّه درُّه! وبسط الكلام على قوله: ((طافوا طوافًا واحدًا)) في «الأوجز» مِنَ التَّأويلات العديدة.
          والأَوجَهُ عندي في التَّأويل أنَّه صلعم طاف للتَّحلُّل مِنَ الإحرامين الحج والعُمْرَة طوافًا واحدًا، بخلاف ما قيل: إنَّه يطوف للتَّحلُّل منهما طوافين وسَعْيَين.


[1] فتح الباري:3/494
[2] قوله: ((حين قدم مكَّة، إلى أنْ قال: ونحر هديه يوم النَّحر وأفاض، وطاف بالبيت، وفعل مثل ما فعل رسول الله صلعم)) مكرر في (المطبوع).
[3] قوله: ((ثاني)) ليس في (المطبوع).