الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الزكاة

          ░░24▒▒ كتاب الزَّكاة
          قال الحافظ: ولأكثر الرُّواة <باب> بدل كتاب، وسقط ذلك لأبي ذرِّ فلم يقل: باب ولا كتاب. انتهى.
          قالَ العَينيُّ: إنَّما ذكر كتاب الزَّكاة عقيب الصَّلاة مِنْ حيثُ إنَّ الزَّكاة ثالثة الإيمان وثانية الصَّلاة في الكتاب والسُّنَّة، أمَّا الكتاب فقوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [البقرة:3] وأمَّا السُّنَّة فقوله صلعم: ((بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ))... الحديث. انتهى.
          وذكر في «الأوجز» في مبدأ كتاب الزَّكاة عدَّة أبحاث مفيدة لطيفة ينبغي المراجعة إليها:
          الأوَّل: أنَّ الزَّكاة لغةً: النَّماء وتَرِد بمعنى التَّطهير أيضًا، وشرعًا بالاعتبارين معًا، أمَّا بالأوَّل فلأنَّ إخراجها سبب للنَّماء في المال، وأمَّا بالثَّاني فلأنَّها طُهرة للنَّفس مِنْ رذيلة البخل.
          الثَّاني: اختلفت نصوص الفروع للأئمَّة الأربعة في تعريفه شرعًا، ونكتفي هاهنا على ما في فروع الحنفيَّة اختصارًا، ففي «الدُّرِّ المختار»: هي شرعًا تملِيك جُزْءِ مَالٍ عيَّنَه الشَّارع، وهو رُبعُ عُشْر نِصَابٍ حَوْلِيٍّ مِنْ مُسْلم فَقِير غَيْرِ هَاشِمِيٍّ ولا مَوْلَاه مَع قَطْعِ المَنْفَعَة عَن المُمَلِّكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ للهِ تَعَالى.
          الثَّالث: ما في «الدُّرِّ المختار» أنَّها لا تجب على الأنبياء إجماعًا، وبذلك صرَّح غير واحد مِنَ العلماء، وذكر في «الأوجز» سبب عدم وجوبها عليهم.
          الرَّابع: في حكم الزَّكاة، وقد أجاد الكلام عليها الشَّيخ ابن القيِّم في «الهدي» وكذلك شيخ مشايخنا الدِّهْلويُّ في «حجَّة الله البالغة».
          الخامس: في بدء فَرْضيَّتها، وسيأتي في الباب الآتي.(1)
          ░1▒ (باب: وجوب الزَّكاة وقول الله ╡: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} إلى آخره [البقرة:43])
          أشار بهذا الباب إلى البحث الخامس وهو بدء فَرْضيَّة الزَّكاة.
          قال الحافظ: ذهب الأكثر إلى أنَّه وقع بعد الهجرة، فقيل: كان في الثَّانية قبل فرض رمضان، وجزم ابن الأثير في «التَّاريخ» أنَّه كان في التَّاسعة، وفيه نظر؛ فقد ورد في حديث ضِمَام بن ثَعْلَبَة وفي حديث وفد عبد القيس وغير ذلك ذكر الزَّكاة(2) / ولكن يمكن تأويل كلِّ ذلك، وادَّعى ابن خزيمة في «صحيحه» أنَّ فرضها كان قبل الهجرة، ووقع في «تاريخ الإسلام»: في السَّنة الأولى فُرضت الزَّكاة، والمعتمد أنَّها فُرضت بمكَّة إجمالًا وبُيِّنت بالمدينة تفصيلًا.
          وفي «شرح الإقناع»: فُرضت في الثَّانية بعد زكاة الفطر، واختلفوا في أيِّ شهر منها، والمشهور في شوَّال مِنَ السَّنة المذكورة. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          ولا يبعد عندي أن يكون مختار البخاريِّ هو ما اختاره ابن خزيمة وهو أنَّ فَرْضيَّتها قبل الهجرة إذ ذكر قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} الآية [المزمل:20]، وهي في سورة المزَّمِّل، وهي مكِّيَّة على القول المشهور، وذكر فيه الخلاف في «هامش اللَّامع»: في مبدأ كتاب التَّهجُّد وأيضًا ذكر المصنِّف فيه حديث أبي سفيان في قصَّة هرقل.
          قال الحافظ تحت قول البخاريِّ في مبدأ كتاب الصَّلاة: (حدثني أبو سفيان في حديث هرقل فقال: يأمرنا النَّبيُّ صلعم بالصَّلاة...) إلى آخره، هذا طرف مِنْ حديث أبي سفيان المتقدِّم موصولًا في بدء الوحي، والقائل: (يأمرنا) هو أبو سفيان، ومناسبته لهذه التَّرجمة أنَّ فيه إشارة إلى أنَّ أبا سفيان لم يلقَ النَّبيَّ صلعم بعد الهجرة إلى الوقت الَّذِي اجتمع فيه بهِرَقْل لقاءً يتَهَيَّأ له معه أن يكون آمرًا له بطريق الحقيقة. انتهى.


[1] هامش مِنَ الأصلِ (وجد بخط الشَّيخ المؤلِّف _ مد ظله على مسودته هنا عبارة ولفظه قد استوعبت النَّظر هاهنا على الشُّروح الثَّلاثة من الفتح والعيني والقسطلاني جمادى الأولى سنة تسع وأربعين بعد ثلاث مئة وألف، ولكن بعد ذلك لبدء الضعف وكثرة الاشتغال ترك النَّظر بالالتزام على بعض مِنَ الشُّروح 12عاقل)
[2] فتح الباري:3/266 مختصرا