الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من أهل ملبدا

          ░19▒ (باب: مَنْ أهلَّ مُلَبِّدًا)
          قال الحافظ: أي: أحرم وقد لبَّد شَعَر رأسه، أي: جعل فيه شيئًا نحو الصِّمغ ليجتمع شَعَره لئلَّا يتشعَّث في الإحرام أو يقع فيه القمل. انتهى.
          وبسط الكلام على التَّلبيد وحكمه وما يتعلَّق به، وأيضًا في وقت تلبيده صلعم مِنْ أنَّه كان بعد الإحرام أو وقت الادِّهان والتَّطيُّب في «جزء حجَّة الوداع» فارجع إليه لو شئت.
          وفيه: وظاهر سياق كلام ابن القيِّم في «الهدي» يشعر بأنَّ التَّلبيد كان بعد الإحرام.
          والظَّاهر عندي أنَّه كان وقت الادِّهان والتَّطيُّب وغيرهما قبل الإحرام، وإليه يظهر مَيل الحافظين ابنِ حَجَر والعينيِّ، إذ قالا تحت شرح الباب: أي: مَنْ أحرم حال كونه مُلَبِّدًا، وإليه يظهر ميل الإمام البخاريِّ بسياق التَّراجم إذ ذكر قبله: (باب: الطِّيب عند الإحرام) وذكر بعده: (باب: الإهلال عند مسجد ذي الحُليفة). انتهى.
          وأمَّا حكم التَّلْبيد ففي «جزء حجَّة الوداع»: قال صاحب «المنهل»: وفي الحديث دليل على استحباب تلبيد الشَّعَر للمحْرِم، لِما فيه مِنَ الرِّفق به والبُعد عن الشَّعث وأسباب الأذى، ولا سيَّما مَنْ طالت مدَّة إحرامه، وبه قالَ الشَّافعيُّ وأصحابه وأحمد، وكذا الحنفيَّة والمالكيَّة، إذا كان يسيرًا لا يؤدِّي إلى ستر الرَّأس، أمَّا الكثير الَّذِي يحصل به تغطية ربع رأسه فأكثرَ فحرامٌ، يَلْزَم فيه دم باستدامته حال الإحرام يومًا فأكثر، أمَّا لو دام أقلَّ مِنْ يوم وليلة، ففيه صدقة كصدقة الفِطر، وهذا في حَقِّ الرَّجل، وأمَّا المرأة: فلا تُمْنَع مِنْ تغطية رأسها في الإحرام. انتهى.
          قلت: هكذا ذكر صاحب «المنهل»: مذاهب الأئمَّة في حكم التَّلبيد، وأمَّا أنا فلم أجد التَّصريح بذلك في كتب فروعهم.