الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الاستئذان

           ░░79▒▒ كتاب الاسْتِئْذَان
          قالَ العلَّامةُ القَسْطَلَّانيُّ: وهو طلبُ الإذْن في الدُّخول لمحلٍّ لا يملكه المستأذِن، وقد أجمعوا على مشروعيَّته، وتظاهرت به دلائل القرآن والسُّنة. انتهى.
          قالَ القاريُّ في «المرقاة»: الاستئذان: بسكون الهمز ويُبْدَل ياءً، ومعناه: طلبُ الإذن، والأصل فيه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} الآيات [النور:27]. انتهى.
          قلت: هذه الآية واقعة في أوَّل سورة النُّور، وفيها في الاستئذان آيةٌ أخرى في آخر تلك السُّورة وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} الآيات [النور:58]. قال صاحب «تاريخ الخميس» في هذه الآية الثَّانية: إنَّها نزلت في السَّنة العاشرة مِنَ الهجرة، وذَكر الرِّوايات في شأن نزولها، والظَّاهر أنَّ الآية الأولى نزلت قبل ذلك، لكن لم أرَ التَّصريح بذلك، وفي «التَّفسير الكبير» ما يؤيِّد هذا، إذ قال في ذيل تفسير الآية الثَّانية: ومِنَ النَّاس مَنْ قال: إنَّ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} الآية [النور:27]، فهذا يدلُّ على أنَّ الاستئذان واجب في كلِّ حال، وصار ذلك منسوخًا بهذه الآية في غير هذه الأحوال الثَّلاثة. انتهى.
          قالَ ابنُ كثير: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ} الآية، هذه الآيات الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضِهم على بعضٍ، وما تقدَّم في أول السُّورة فهو استئذان الأجانب بعضِهم على بعضٍ. انتهى.
          وأمَّا أحكام الاستئذان وفروعُه فسيأتي في الأبواب الآتية.
          ثمَّ لا يذهب عليك أنَّ الأوجَهَ عندَ هذا العبدِ الضَّعيفِ: أنَّ (كتاب الاستئذان) ليس بكتاب مستقلٍّ، بل هو جزء مِنْ كتابِ الأدب، ولك أن تقول: إنَّه كتاب في كتاب بمنزلة الاصطلاح المعروف: باب في باب، كما تقدَّم في أصول التَّراجم مفصَّلًا، فإنَّ الاستئذان أيضًا أدبٌ مِنَ الآداب، ولذا ذكره مسلم في كتاب الآداب، وعلى هذا لا يَرِدُ على المصنِّف ما أوردوا مِنَ الأبوابِ الآتية في أواخر هذا الكتاب مِنْ (باب: الاحتباء باليد) و(باب: السَّرير والقائلة بعد الجمعة) وغير ذلك، وعلى هذا لا يحتاج إلى ما في حاشية «النُّسخة الهنديَّة» عن «الخير الجاري» إذ قال: لا(1) يخفى أنَّه ذكر في هذا الكتاب أمورًا سِوى الاستئذان، فالأَولى أن يقدَّر هاهنا: كتاب الاستئذان وما يناسبُه، أو ما هو في حكمه، وعليك الاعتبار بمثله في مثله، وليكن هذا أصلًا مِنْ أصول هذا الكتاب. انتهى والبسط في «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((ولا)).