الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الذبح قبل الحلق

          ░125▒ (باب: الذَّبح قَبْل الحلق)
          وفي الحديث عكسه، يعني: الحلق قَبْل الذَّبح، ووجه الاستدلال أنَّ السُّؤال عن ذلك دالٌّ على أنَّ السَّائل عَرف أنَّ الحكم على عكسه(1)، قاله الحافظ.
          وفي «جزء حجَّة الوداع» تحت حديث الباب عدَّة أبحاث، وفيه البحث الرَّابع في اختلاف الأئمَّة في الأفعال المذكورة، فاعلم أنَّ ما يفعل يوم النَّحر أربعة أمور: الرَّمي، ثمَّ الذَّبح، ثمَّ الحلق، ثمَّ طواف الإفاضة، وهذا التَّرتيب وهو(2) المسنون عند كافة العلماء، وهذا التَّرتيب سُنَّة عند الشَّافعيِّ وأحمد وصاحبَي أبي حنيفة، فمن قدَّم شيئًا مِنْ هذه أو أخَّر فلا دم عليه عندهم لكون التَّرتيب غير واجب لقوله ╕: ((افعل ولا حرج)).
          وأمَّا عند الإمامين الهمامين أبي حنيفة ومالك ⌠(3) فالتَّرتيب في بعضها / واجب، وفي بعضها سُنَّة، فمَنْ خالف التَّرتيب الواجب فعليه دم، ومَنْ خالف التَّرتيب المسنون فقد أساء ولا دم عليه.
          فمذهب مالك _على ما قالَ الدُّسوقيُّ_ أنَّ تقديم الرَّمي على الأخيرين الحلق والطَّواف واجب يُجبر بدم، وأمَّا تقديمه على الثَّاني، أو تقديم الثَّاني على كلِّ واحد مِنَ الآخرين(4)، أو تقديم الثَّالث على الرَّابع فمستحبٌّ، فالمراتب ستَّة: الوجوب في اثنين، والنَّدب في أربعة. انتهى.
          ومذهب الحنفيَّة ما قال ابن عابدين: الطَّواف لا يجب ترتيبه على شيء مِنَ الثَّلاثة وإنَّما يجب ترتيب الثَّلاثة: الرَّمي ثمَّ الذَّبح ثمَّ الحلق، لكنَّ المفرِد لا ذبح عليه، فيجب عليه التَّرتيب بين الرَّمي والحلق فقط، انتهى.


[1] فتح الباري:3/559
[2] في (المطبوع): ((هو)).
[3] في (المطبوع): ((رحمهما)).
[4] في (المطبوع): ((الأخيرين)).