الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من قدم ضعفة أهله بليل فيقفون بالمزدلفة ويدعون

          ░98▒ (باب: مَنْ قدَّم ضَعَفَةَ أهله...) إلى آخره
          قال الحافظ: أي: مِنْ نساء وغيرهم، وقوله: (يُقَدِّم) ضبطه الكرمانيُّ بفتح القاف وكسر الدَّال، قال: وحَذَف الفاعل للعِلم به و[هو] (1) مَنْ ذُكر أوَّلًا، وبفتح الدَّال على البناء للمجهول(2).
          وقوله: (إذا غاب القمر) بيان للمراد مِنْ قوله: في أوَّل التَّرجمة (بليل) ومغيبُ القمر تلك اللَّيلة يقع عند أوائل الثُّلث الأخير، ومِنْ ثَمَّ قيَّده الشَّافعيُّ ومَنْ تَبِعَه بالنِّصف الثَّاني، قال صاحب «المغني»: لا نعلم خلافًا في جواز تقديم الضَّعَفَة بليل مِنْ جَمْعٍ إلى مِنًى(3)، كذا في «الفتح».
          وذكر في «جزء حجَّة الوداع» هاهنا عدَّة أبحاث:
          الأوَّل: في تعيين مَنْ قدَّمهم رسول الله صلعم مِنَ الضَّعَفَة، منهم سَوْدة، وأمُّ سَلَمة وأمُّ حَبِيبة، ومنهم ابن عبَّاس، وأيضًا العبَّاس ♥.
          والبحث الثَّاني: في وقت الذَّهاب، وظاهر الرِّوايات عند غيبوبة القمر في اللَّيلة العاشرة.
          قال الحافظان ابنُ حَجَرٍ والعَينيُّ: ومغيب القمر تلك اللَّيلة يقع عند أوائل الثُّلث الأخير. انتهى.
          وقال ابن القيِّم: والَّذي دلَّت عليه السُّنَّة إنَّما هو التَّعجيل بعد غيبوبة القمر، لا نصف اللَّيل، وليس مع مَنْ حدَّه بالنِّصف دليلٌ عليه. انتهى.
          قالَ الموفَّق: لا بأس بتقديم الضَّعَفة والنِّساء، وبه قالَ الشَّافعيُّ وأصحاب الرَّأي، ولا نعلم فيه مخالفًا. انتهى.
          ثمَّ اعلم أنَّ هاهنا مسألتين:
          إحداهما: المبيت بمزدلفة ليلة النَّحر.
          والثَّانية: الوقوف(4) بها عند صلاة الفجر، وطالما تشتبه إحداهما بالأخرى عن نَقَلَة المذاهب، فالظَّاهريَّة قالوا بركنيَّة الوقوف، وأمَّا الأئمَّة الأربعة فالصَّحيح مِنْ مسالكهم أنَّ المبيت إلى ما بعد النِّصف الأوَّل واجب عند الشَّافعيِّ على المعتمد وكذا عند أحمد، وهذا لمن أدركه / قبل النِّصف، وإلَّا فالحضور ساعةً في النِّصف الأخير كافٍ، وعند مالك النُّزول بقدر حطِّ الرِّحال واجب في أيِّ وقت مِنَ اللَّيل كان، وعند الحنفيَّة المبيت سُنَّة مؤكَّدة، وأمَّا الوقوف بعد الفجر فواجب عند الحنفيَّة، وسُنَّة عند الأئمَّة الثَّلاثة، وفرض عند ابن الماجِشون وابن العربيِّ مِنَ المالكيَّة، وركن عند الظَّاهريَّة كما تقدَّم... إلى آخر ما بسط فيه.


[1] قوله: ((هو)) ليس في (المطبوع).
[2] فتح الباري:3/527 وما بين حاصرتين من الفتح
[3] فتح الباري:3/527
[4] في (المطبوع): ((والوقوف)).