الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب المناقب

          ░61▒ <كتاب المناقب>
          هكذا في «نسخة العينيِّ»، وكذا على «هامش النُّسخة الهنديَّة» بعلامة النُّسخة، وفي «النُّسخ الهنديَّة» وكذا في «نسخة الفتح والقَسْطَلَّانيِّ»: <باب: المناقب>.
          قال الحافظ: كذا في الأصول الَّتي وقفت عليها مِنْ «كتاب البخاريِّ» وذكر صاحب «الأطراف» وكذا في بعض الشُّروح أنَّه قال: كتاب المناقب، فعلى الأوَّل: هو مِنْ جملة كتاب أحاديث الأنبياء.
          وعلى الثَّاني: هو كتاب مستقلٌّ، والأوَّل أَولى، فإنَّه يظهر مِنْ تصرُّفه أنَّه قصد به سياق التَّرجمة النَّبويَّة بأن يجمع فيه أمور النَّبيِّ صلعم مِنَ المبدأ إلى المنتهى، فبدأ بمقدِّمَاتها مِنْ ذِكر ما يتعلَّق بالنَّسب الشَّريف، فذكر أشياء تتعلَّق بالأنساب، ومِنْ ثَمَّ ذكر أمورًا تتعلَّق بالقبائل، ثمَّ النَّهي عن دعوى الجاهليَّة، لأنَّ معظم فخرهم كان بالأنساب، ثمَّ ذكر صفة النَّبيِّ صلعم تسليمًا كثيرًا كثيرًا، وشمائله ومعجزاته، واستطرد منها لفضائل أصحابه، ثمَّ أتبع بأحواله قبل الهجرة، وما جرى له بمكَّة، فذكر المبعث، ثمَّ إسلام الصَّحابة وهجرة الحبشة والمعراج ووفود الأنصار، والهجرة إلى المدينة، ثمَّ ساق المغازيَ على ترتيبها عنده، ثمَّ الوفاة، فهذا آخر هذا الباب، وهو مِنْ جملة تراجم الأنبياء، وخَتَمها بخَاتَم الأَنْبِيَاء صلعم تسليمًا كثيرًا كثيرًا. انتهى مِنَ «الفتح».
          قلت: وهو كذلك، وقد تقدَّم في هامش «مقدِّمة اللَّامع» أيضًا أنَّ الأوجَهَ عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ ذكر الفضائل والمناقب المتعلِّقة بهذه الأُمَّة تمهيد وتكميل لذكر نبيِّنا سيِّد الأنبياء عليه أفضل الصَّلوات والتَّسليمات، ولمَّا كان ذِكْرُه الشَّريف أصلًا ومقصودًا بسط في ذِكْر التَّمهيد والتَّكميل فذكر قريشًا لأنَّه(1) قبيلته ╧ (2) وعلى آله وسلم تسليمًا كثيرًا كثيرًا.
          ثم المنَاقب: جمع مَنْقَبَة، وهي ضدُّ المثْلَبَة، قاله العَينيُّ.
          وقالَ السِّنْديُّ: المنَاقب: المكَارم والمفَاخر، واحدها مَنْقَبَة ضدُّ المثْلَبَة، كأنَّها تنقب قلب الحسود. انتهى.
          ░1▒ (وقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ} الآية [الحجرات:13])
          قال الحافظ: يشير إلى ما تضمَّنته هذه الآية مِنْ أنَّ المناقب عند الله إنَّما هي بالتَّقوى بأن يعمل بطاعته، ويكفَّ عن معصيته، وقد ورد في الحديث ما يوضح ذلك ففي «صحيحَي ابن خُزيمة وابن حِبَّان» مِنْ حديث ابن عمر، في خطبته صلعم يوم الفتح، وفيه: ((يا أيُّها النَّاس: النَّاس رَجلان مؤمن تقيٌّ كَرِيم على الله، وفاجر شقيٌّ هيِّن على الله)) ثمَّ تلا هذه الآية، وروى أحمد وغيره / في خطبة النَّبيِّ صلعم بمنًى: ((يا أيَّها النَّاس إنَّ ربَّكم واحد، وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لأسود على أحمر إلَّا بالتَّقوى، خيرُكم عند الله أتقاكم)). انتهى.
          قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ} الآية [النِّساء:1]
          قال الحافظ: والمراد(3) بذكر هذه الآية: الإشارة إلى الاحتياج إلى معرفة النَّسب أيضًا لأنَّه يُعْرَف به ذَوُو الأَرْحَام المأْمُور بصِلَتهم، وذكر ابن حزم في مقدِّمة كتاب «النَّسب» له فصلًا في الرَّدِّ على مَنْ زعم أنَّ عِلمَ النَّسب عِلمٌ لا ينفع وجهلٌ لا يضرُّ بأنَّ في عِلم النَّسب ما هو فرضٌ على كلِّ أحد، وما هو فرض على الكفاية، وما هو مستحبٌّ، قال: فمن ذلك أن يُعْلَم أنَّ محمَّدا رسول الله صلعم هو ابن عبد الله الهاشميِّ، فمن زعم أنَّه لم يكن هاشميًّا فهو كافر، إلى آخر ما ذكر الحافظ.
          ونقل ابن عبدِ البرِّ أنَّه قال في أوَّل كتابه «النَّسب»: ولَعَمْري لم ينصف مَنْ زعم أنَّ عِلمَ النَّسب عِلمٌ لا ينفع وجهلٌ لا يضرُّ. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((لأنها)).
[2] قوله: ((وسلم)) ليس في (المطبوع).
[3] في (المطبوع): ((المراد)).