الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الأشربة

           ░░74▒▒ كتاب الأَشْرِبة
          الأَشْرِبة: جمع شراب كأَطْعِمة وطَعام، اسم لِما يُشْرَب، وليس مصدرًا لأنَّ المصدر هو الشُّـَِرب بتثليث الشِّين. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          وفي «الدُّرِّ المختار»: الشَّراب لغةً: كلُّ مائعٍ يُشْرَب، واصطلاحًا: يُسْكِرُ. انتهى.
          قلت: والإمام البخاريُّ ذَكر في الكتاب الشَّراب الحلال والحرام كلَّها باعتبار أصل اللُّغة.
          قالَ الحافظُ: ذَكر الإمام البخاريِّ الآيةَ وأربعة أحاديث تتعلَّق بتحريم الخمر، وذلك أنَّ الأشربة [منها] ما يحلُّ وما يحرم، ويُنظر في حكم كلٍّ منها(1) ثمَّ بالآداب المتعلِّقة بالشُّرب، فبدأ بتبيين المحرَّم منه لقلَّته بالنِّسبة إلى الحلال، فإذا عُرِف ما يحرم كان ما عداه حلالًا، وقد بيَّنتُ في تفسير المائدة الوقت الَّذِي نزلت فيه الآية المذكورة، وأنَّه كان في عام الفتح قبل الفتح، ثمَّ رأيتُ الدِّمْياطيَّ في «سيرته» جَزم بأنَّ تحريم الخمر كان سنة الحُدَيبية سنة ستٍّ، وذكر ابنُ إسحاقَ أنَّه كان في وقعة بني النَّضير، وهي بعد وقعة أُحُد وذلك سنة أربعٍ على الرَّاجح، وفيه نظرٌ.
          ثمَّ قالَ الحافظُ: وكأنَّ المصنِّف لمَّح بذكر الآية إلى بيان السَّبب في نزولها، وقد مضى بيانه في تفسير المائدة أيضًا... إلى آخر ما ذكر.
          وقالَ العينيُّ: ذَكر الإمام البخاريُّ هذه الآية تمهيدًا لِما يذكره مِنَ الأحاديث الَّتي وردت في الخمر، وقد ذكرناها في سورة المائدة، ثمَّ ذكر سبب نزولها مِنْ حديث عمر مفصَّلًا، وفيه: ((أنَّ عمر قال لمَّا نزل تحريمُ الخمر: اللَّهمَّ بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت هذه الآية الَّتي في البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} [البقرة:219]...)) الحديث بطوله، ((ثمَّ نزلت الآية الَّتي في سورة النِّساء: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلاة وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النِّساء:43] فقال عمر: اللَّهمَّ بيِّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الَّتي في المائدة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} الآية [المائدة:90] الَّتي ذُكرت في صدر هذا الكتاب، وفيه: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91] قال عمر: انتهَينا)) أخرجه أحمدُ وأبو داودَ والتِّرمذيُّ والنَّسائيُّ كما ذكره العينيُّ.
          قلت: وإنَّما ذكرَ الإمامُ البخاريُّ هذه الآيةَ مِنْ جملة آيات الخمر الثَّلاثة إشارةً إلى أنَّها آخرُ ما نزلت في الخمر، وقد بسط صاحب «الفيض» الكلام على الأشربة أشدَّ البسط. /


[1] في (المطبوع): ((منهما)).