الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من طاف بالبيت إذا قدم مكة قبل أن يرجع إلى بيته

          ░63▒ (باب: من طَافَ بالبيت إذا قَدم مكَّة...) إلى آخره
          قال ابن بطَّالٍ: غرضه بهذه التَّرجمة الرَّدُّ على مَنْ زعم أنَّ المعتمر إذا طاف حَلَّ قبل أن يسعى بين الصَّفا والمروة، فأراد أن يبيِّن أنَّ قول عروة: ((فلمَّا مسحوا الرُّكن حَلُّوا)) محمول على أنَّ المراد لمَّا استلموا الحَجَر الأسود وطافوا وسعَوا حَلُّوا، بدليل حديث ابن عمر الَّذِي أردفه به في هذا الباب، وقالَ النَّوويُّ: لا بدَّ مِنْ تأويل قوله: (مسحوا الرُّكن) لأنَّ المراد به الحَجَرُ الأسود، ومسحُه يكون في أوَّل الطَّواف ولا يحصل التَّحلُّل بمجرَّد مسحه بالإجماع، فتقديره: فلمَّا مسحوا الرُّكن وأتمُّوا طوافهم وسعيهم وحلقوا حَلُّوا، وحُذفت هذه المقدَّرات للعِلم بها لظهورها، وقد أجمعوا على أنَّه لا يتحلَّل قبل تمام الطَّواف. ثمَّ مذهب الجمهور أنَّه لا بدَّ مِنَ السَّعي بعده، ثمَّ الحَلْق، وتُعُقِّب بأنَّ المراد بمسح الرُّكن الكناية عن تمام الطَّواف، فالمعنى: فلمَّا فرغوا مِنَ الطَّواف حَلُّوا، وأمَّا السَّعي والحَلْق فمختلف فيهما كما قال(1). انتهى.
          قالَ الكَرْمانيُّ: قال القاضي: قال ابن عبَّاس وإسحاق بن راهَوَيْهِ: المعتمِر يتحلَّل بعد الطَّواف وإن لم يسعَ.
          وبسط الحافظ في الرِّوايات عن ابن عبَّاس في ذلك وقال: ولمسلم مِنْ طريق قتادة: ((قال رَجل لابن عبَّاس: ما هذه الفتيا أنَّ مَنْ طاف بالبيت فقد حَلَّ؟ فقال: سُنَّة نبيِّكم وإن رَغِمْتُم)).
          ثمَّ قال الحافظ: وعُرف أنَّ هذا مذهب لابن عبَّاس خالفَ فيه الجمهورَ، ووافقه فيه ناسٌ منهم إسحاق بن راهَوَيْهِ(2). انتهى مختصرًا مِنْ «هامش اللَّامع».
          قلت: وإلى هذا أشارَ الإمامُ البخاريُّ أيضًا في «أبواب العُمْرَة» في (باب: متى يَحِلُّ المعتمِرُ؟).


[1] فتح الباري:3/477 مختصرا
[2] فتح الباري:3/478 مختصرا