الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الصلاة بمنى.

          ░84▒ (باب: الصَّلاة بمنًى)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: أشار بذلك إلى أنَّه لا يُتِمُّ المسافرُ إذا لم يعزم الإقامة خمسة عشر(1) يومًا... إلى آخر ما فيه.
          وفي «هامشه»: اعلم أنَّ الإمام البخاريَّ ترجم بهذه التَّرجمة في موضعين:
          الأوَّل: في كتاب الصَّلاة في أبواب التَّقصير.
          والثَّاني: هاهنا، وذلك عندي للإشارة إلى اختلاف العلماء في أنَّ القصر بمنًى هل كان للسَّفر كما قال به الجمهور، أو كان للنُّسك كما قال به بعض السَّلف؟ وحكى(2) ذلك عن الإمام مالك أيضًا.
          قال الحافظ: واختلف السَّلف في المقيم بمنًى هل يقصُرُ أو يُتِمُّ؟ بناء على أنَّ القصر بها للسَّفر أو للنُّسك، واختار الثَّانيَ مالكٌ(3). انتهى.
          وقالَ العَينيُّ: قال ابن بطَّالٍ: اتَّفق العلماء على أنَّ الحاجَّ القادم مكَّة يقصر الصَّلاة بها وبمنًى في سائر المشاهد لأنَّه عندهم في سفر، واختلف العلماء في صلاة المكِّيِّ بمنًى فقال مالك: يُتِمُّ بمكَّة ويقصُرُ بمنًى، وكذلك أهل مِنًى يتمُّون بمنًى ويقصرون بمكَّة وعرفات، وبه قال الأوزاعيُّ وإسحاقُ وقالوا: إنَّ القصر سُنَّة الموضع، وإنَّما يتمُّ بمنًى وعرفات مَنْ كان مقيمًا فيها، وقال أكثر أهل العِلم منهم الأئمَّة الثَّلاثة: لا يقصر أهل مكَّة بمنًى وعرفات لانتفاء مسافة القصر. انتهى مختصرًا(4).
          قلت: وما حكَوا مِنْ أنَّ القصر عند مالكٍ للنُّسك لا يصحُّ عندي، كما بسط في «الأوجز»، بل القصر عنده أيضًا للسَّفر، كما صرَّح به في «الموطَّأ»، إلَّا أنَّه ☺ عدَّ الذَّهاب مِنْ مكَّة إلى مِنًى ومنها إلى عرفة ومنها راجعًا إلى المزدلفة [ثمَّ إلى منًى] ثمَّ إلى مكَّة سفرًا واحدًا، ولذلك لا يقصر أهل مكَّة بمكَّة، وأهل مِنًى بمنًى عنده، ولو كان القصر للنُّسك ليقصرون هؤلاء أيضًا. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((خمس عشرة)).
[2] في (المطبوع): ((وحُكي)).
[3] فتح الباري:3/563
[4] عمدة القاري:7/118