الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب بدء الخلق

          ░59▒ كتاب بدء الخلق
          قال الحافظ: كذا للأكثر، وسقطت البسملة لأبي ذرٍّ، وللنَّسَفيِّ <ذكر> بدل كتاب، وللصَّغانيِّ <أبواب> بدل كتاب، وبدء الخلق بفتح أوَّله وبالهمز، أي: ابتداؤه.
          ومناسبة هذا الكتاب لِما قبله ما تقدَّم في مقدمة «اللَّامع» مِنْ كلام الحافظ حيث قال: ويظهر لي أنَّه إنَّما ذكر بدء الخلق عقب كتاب الجهاد لما أنَّ الجهاد يشتمل على إزهاق النَّفس، فأراد أن يذكِّر أن هذه المخلوقات محدثات، وأن مآلها إلى الفناء، وأنَّه لا خلود لأحد. انتهى.
          وكتبت هناك في «هامشه»: ولا يبعد عندي أن يقال: إن ذكر مغازيه / صلعم كانت مِنْ تكملة الجهاد، فإنَّها أسوة لكثير مِنْ مسائل الجهاد، فالمقصود أصالة ذكرها، أي: المغازي، ولذا بسطها أشدَّ البسط، وكان الجدير بذكرها أن يذكر أوَّلًا أحوال النَّبيِّ صلعم، لأنَّ ذكره الشَّريف أيضًا مِنَ المقاصد، فبسط في ذكره وذكر أتباعه الصَّحابة الكرام ♥ ، فإنَّهم المجاهدون في هذه المغازي، وقدم على ذكره الشَّريف ذكر الأنبياء توطئة، وأوَّلهم آدم ◙، فذكره وذكر معه خلق آدم، وقدم قبله بدء الخلق تمهيدًا لِما سيأتي بعده، فتأمَّلْ.
          وفي «هامش اللَّامع»: لما كان «صحيح البخاريِّ» جامعًا مِنْ أنواع كتب الحديث، والجامع ما يكون فيه الأبواب الثَّمانية مِنْ أبواب الحديث_كما تقدَّم مفصَّلًا في المقدِّمة_ ومنها التَّاريخ، شرع مِنْ هاهنا أبواب التَّاريخ، وتنتهي إلى كتاب التَّفسير، وليس كتاب المغازي بكتاب مستأنف عند هذا العبد الضَّعيف بل هو جزء لسيرته صلعم المبدوءة مِنْ قبل ذلك، ولكنَّها لمَّا كانت أبوابها مبسوطة أفردوها(1) باسم الكتاب، ولذلك ذكر بعده (باب: حجَّة الوداع)، وأبواب مرضه ووفاته صلعم، فإنَّها أيضًا مِنْ تكملة أحواله صلعم، وتقدَّم شيء مِنْ ذلك في المقدِّمة في الفائدة الثَّالثة عشرة في مناسبة التَّرتيب بين الكتب والأبواب. انتهى.
          وفي «الفيض»: وقد مرَّ نظائرُ هذا الكتاب مِنْ قوله: بدء الوحي، وبَدْء الحَيْضِ، فهذا بَدْء الخَلْقِ، ويَذْكُرُ في ضمنه الأحوال إلى الحشر، وهذا الكتاب في كتب الأحاديث أقرب إلى سفر التَّكوين مِنَ التَّوراة. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((أفردها)).