الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج}

          ░33▒ (باب: قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} إلى آخره [البقرة:197])
          هذا الباب في الميقات الزَّمانيِّ، كما أنَّ الأبواب السَّابقة كانت في الميقات المكانيِّ، كذا في «الفيض» ثمَّ الظَّاهر عندي أنَّ التَّرجمة مشتملة على الجزأين: الأوَّل: في تعيين أشهُر الحجِّ.
          قال الحافظ: جميع العلماء على أنَّ المراد بأشهر الحج ثلاثة:
          أولها: شوَّال، لكن اختلفوا هل هي ثلاثة بكمالها، وهو قول مالك ونقل عن «الإملاء» للشَّافعيِّ، أو شهران وبعض الثَّالث كما هو قول الباقين، ثمَّ اختلفوا فقال ابن عمر وابن عبَّاس [وابن الزُّبير] وآخرون: عشر ليال مِنْ ذي الحجَّة، وهل يدخل يوم النَّحر أو لا؟ قال أبو حنيفة وأحمد: نعم، وقالَ الشَّافعيُّ: في المشهور المصحَّح عنه: لا، وقال بعض أتباعه: تسع مِنْ ذي الحجَّة، ولا يصحُّ في يوم النَّحر ولا في ليله وهو شاذٌّ. انتهى.
          والجزء الثَّاني مِنَ التَّرجمة: الإحرام قبل أشهر الحجِّ، أعني مسألة تقديم الإحرام على الميقات الزَّمانيِّ، أشار إليه بقوله: (وقال ابن عبَّاس...) إلى آخره، والمسألة خلافيَّة فقد قال الحافظ: اختلف العلماء في اعتبار هذه الأشهر هل هو على الشَّرط أو الاستحباب؟ فقال ابن عمر وابن عبَّاس وجابر وغيرهم مِنَ الصَّحابة والتَّابعين: هو شرط فلا يصحُّ الإحرام بالحجِّ إلَّا فيها، وهو قول الشَّافعيِّ، وسيأتي استدلال ابن عبَّاس لذلك في هذا الباب، واستدلَّ بعضهم بالقياس على الوقوف وبالقياس على إحرام الصَّلاة، وليس بواضح لأنَّ الصَّحيح عند الشَّافعيَّة أنَّ مَنْ أحرم بالحجِّ في غير أشهُره انقلب عُمْرَةً تجزئُهُ عن عُمْرَة الفرض، وأمَّا الصَّلاة فلو أحرم قَبْل الوقت انقلب نفلًا [بشرط أن يكون ظانًّا دخول الوقت لا عالمًا] فاختلفا مِنْ وجهين. انتهى.
          قوله: (وكره عثمان ☺ أن يُحْرِم مِنْ خُراسان...) إلى آخره، وبينه وبين مكَّة أكثر مِنْ مسافة أشهُر الحجِّ، فيستلزم أن يكون أحرم في غير أشهر الحجِّ، فكره ذلك عثمان. انتهى مِنَ «الفتح».