الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من لم يستلم إلا الركنين اليمانيين

          ░59▒ (باب: مَنْ لم يستلم إلَّا الرُّكنين اليمانيين...) إلى آخره
          الأسود والَّذي(1) يليه، دون الرُّكنين الشَّاميَّين، وذلك لأنَّ اليمانيين على القواعد الإبراهيميَّة، ففي الرُّكن الأسود فضيلتان: كون الحَجَر فيه، وكونه على القواعد، وفي الثَّاني الثَّانية فقط، ومِنْ ثمَّ خُصَّ الأوَّل بمزيد تقبيله دون الثَّاني. انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ(2).
          وأمَّا الرُّكنان الباقيان فلا يُقَبَّلان ولا يُمسَّان لأنَّ البيت غيرُ متمَّم على قواعد إبراهيم، فهذان الرُّكنان ليسا على ركنيَّتهما، بل هما وسط الجدار الشَّرقيِّ والغربيِّ، كذا في «البذل»، وفي «هامشي على البذل»: وإلى هذا التَّفصيل ذهب الجمهور، كما بسطه الحافظ في «الفتح»(3).
          والموفَّق ورد على الخِرَقِي إذ قال: يُقَبِّل الرُّكن اليماني أيضًا.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: وحديث ابن عبَّاس: ((أنَّ النَّبيَّ صلعم قَبَّل الرُّكن اليماني، ووضع خدَّه عليه)) رواه جماعة منهم ابن المنذر والحاكم وصحَّحه، وضعَّفه بعضهم، وعلى تقدير صحَّته فهو محمول على الحَجَر الأسود، وإذا استلمه قَبَّل يده على الأصحِّ عند الشَّافعيَّة والحنابلة ومحمَّد بن الحسن مِنَ الحنفيَّة، وهو المنصوص في «الأمِّ»... إلى آخر ما بسطه.
          وفيه: وكذا تقبيل نفس الرُّكن لا بأس به كما جزم به في «الأمِّ» واستحبَّه بعض الشَّافعيَّة، ونقل عن محمَّد بن الحسن(4). انتهى مِنَ القَسْطَلَّانيِّ.
          قال القاضي عياض: اتَّفق الفقهاء اليوم على أنَّ الرُّكنين الشَّاميَّين لا يُستلمان، وإنَّما كان الخلاف في العصر الأوَّل بين بعض الصَّحابة والتَّابعين، ثمَّ ذهب الخلاف. انتهى.
          قال القاري في «شرح اللُّباب»: أمَّا الرُّكنان الآخران فلا استلام فيهما، ولا إشارة بهما، بل هما بدعة مكروهة باتِّفاق الأربعة. انتهى مِنَ «الأوجز»(5).
          قوله: (وكان ابن الزُّبير يسْتَلِمُهُنَّ كلَّهنَّ) وهذا يحتمل أن يكون مذهبه أنَّه ليس مِنَ البيت شيئًا مهجورًا، كما روى عنه ابن أبي شيبة، ويُروى نحو ذلك عن معاوية، ويحتمل أن يكون فعله بعد ما أتم بناء الكعبة على قواعد إبراهيم كما حمله عليه ابن القصَّار وتبعه ابن التِّينِ، فزال مانعُ عدم استلامهما، وعلى هذا لا خلاف بينه وبين الجمهور، وأمَّا على الأوَّل فكان فيه خلاف في السَّلف. انتهى مِنَ «الأوجز» بزيادة.


[1] في (المطبوع): ((الذي)).
[2] إرشاد الساري:3/167 مختصرا
[3] أنظر فتح الباري:3/474
[4] إرشاد الساري:3/168 مختصرا، والمسألة فيها كلام وتفصيل يطول لذا يراجع الأم للشَّافعيِّ 2/186 وغيره
[5] أوجز المسالك:7/369