الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ركوب البدن

          ░103▒ (باب: ركوب البُدْن لقوله: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ} [الحج:36]) [إلى آخره]
          قال الحافظ: استدلَّ المصنِّف في جواز ركوب البُدْن بعموم قوله تعالى: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج:36] وأشار إلى قول إبراهيم النَّخَعيِّ: {لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} مَنْ شاء ركب ومَنْ شاء حلب، أخرجه ابن أبي حاتم وغيره. انتهى.
          وفي «هامش اللَّامع»: لم يصرِّح المؤلِّف بالحكم لمكان الاختلاف في ذلك، والمسألة خلافيَّة شهيرة، وفيها خمسة(1) مذاهب للعلماء:
          الأوَّل: وجوب الرُّكوب بظاهر الأوامر كما نقل عن بعض الظَّاهريَّة.
          الثَّاني: الجواز مطلقًا، نسبه ابن المنذر إلى أحمد وإسحاق.
          الثَّالث: تقييده بالحاجة، قالَ النَّوويُّ: مذهب الشَّافعيِّ أنَّه يركبها إذا احتاج.
          الرَّابع: أنَّها لا تُرْكَب إلَّا عند الاضطرار، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وإحدى الرِّوايتين عن أحمد، وبه جزم الدَّرْدِير والدُّسوقيُّ.
          الخامس: المنع مطلقًا، حكاه ابن العربيِّ عن أبي حنيفة.
          ثمَّ مَنْ قيَّدَه بالحاجة أو الاضطرار اختلفوا على قولين:
          أحدهما: أنَّ الإباحة تنتهي إلى وقت الحاجة، ثمَّ يلزمه النُّزول.
          والثَّاني: أنَّها شرط لابتداء الجواز، فإذا أبيح له لا يلزمه النُّزول. انتهى.
          قوله: (العتيق: عتقُه مِنَ الجبابرة) قال القَسْطَلَّانيُّ تبعًا للعينيِّ: إنَّها إشارة إلى ما في قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29]. انتهى.
          والأوجَهُ عند هذا العبد الضَّعيف أنَّها إشارة إلى ما في قوله تعالى: {ثمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:33]، لوجهين:
          الأوَّل: أنَّها أقرب إلى قوله: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} [الحج:32].
          والثَّاني: أنَّها متعلِّقة بمسألة الهَدي، بخلاف قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج:29]، والإشارة إلى آية الهَدي أَولى مِنَ الإشارة إلى آية الطَّواف لمناسبة المقام.


[1] في (المطبوع): ((خمس)).