الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب المحاربين من أهل الكفر والردة

           ░░86م▒▒ (كتاب المحاربين مِنْ أهل الكفر والرِّدة...) إلى آخره
          قالَ الحافظُ ☼: كذا هذه التَّرجمة ثبتت للجميع هنا، وفي كونها في هذا الموضع إشكال، وأظنها ممَّا انقلب على الَّذِين نسخوا كتاب البخاريِّ مِنَ المسوَّدة، والَّذِي يظهر لي أنَّ محلَّها بين كتاب الدِّيات وبين (استتابة المرتدين) وذلك أنَّها تَخَلَّلَت بين أبواب الحدود، فإنَّ المصنِّف تَرْجَمَ كتاب الحدود وصدَّرَه بحديث: (لا يَزْنِي الزَّانِي وهُو مُؤْمِن) وفيه ذكرُ السَّرقة وشرب الخمر، ثمَّ بدأ بما يتعلَّق بحدِّ الخمر في أبواب ثمَّ بالسَّرقة كذلك، فالَّذِي يليق أنْ يُثَلِّثَ بأَبْواب الزِّنَا على وَفْقِ مَا جَاء في الحديث الَّذِي صدَّرَ به، ثمَّ بعد ذلك إمَّا أن يقدِّم كتاب المحاربين وإمَّا أنْ يؤَخِّره، والأَوْلَى أن يؤخِّره ليعقبه (باب: استتابة المرتدِّين) فإنَّه يليق أن يكون مِنْ جملة أبوابه، ولم أرَ مَنْ نبَّه على ذلك إلَّا الكَرْمانيَّ، فإنَّه تَعَرَّض لشيء مِنْ ذلك، ووقع في رواية النَّسَفيِّ زيادة قَدْ يَرْتَفِعُ بها الإشكال، وذلك أنَّه(1) قال بعد قوله: (مِنْ أهل الكُفر والرِّدَّة) فزاد: <ومَنْ يجب عليه الحدُّ في الزِّنا> فإن كان محفوظًا فكأنَّه ضمَّ حدَّ الزِّنا إلى المحاربين لإفضائه إلى القتل في بعض صوره بخلاف الشُّرب والسَّرقة، وعلى هذا فالأولى أن يبدل لفظ: (كتاب) بـ(باب) وتكون الأبواب كلُّها داخلة في كتاب الحدود. انتهى.
          وتعقَّب عليه العلَّامة العينيُّ كما في حاشية «النُّسخة الهنديَّة»، فارجع إليه.
          والأوجَهُ عندَ هذا العبدِ الضَّعيفِ: أنَّ الإمام البخاريَّ ☼ أجاد في ذكر هذا الكتاب هاهنا، وهذا مِنْ دقَّة نظره كما هو دأبه في هذا الكتاب، وتوضيح ذلك أنَّ العلماء مِنَ السَّلفِ والخلف اختلفوا في مصداق هذه الآية، والجمهور على أنَّها نزلت في قُطَّاع الطَّريق، وهم أخوة(2) السَّرقة، ولذا عقَّبه بأبواب السَّرقة، ولكنَّ ميل البخاريِّ إلى أنَّ نزولها في أهل الكفر والرِّدَّة، فأجاد الإمام في ذكر مختاره باللَّفظ صريحًا بلفظ(3) (كتاب المحاربين مِنْ أهل الكفر والرِّدَّة) وذكره هاهنا رعاية لقول الجمهور، لكون قطَّاع الطَّريق مِنْ إخوان السَّارقين، وذكره بلفظ الكتاب بدل الباب، / للفرق بين قُطَّاع الطَّريق والسَّارقين، فإنَّه لو ذكره بلفظ الباب لتُوهِّم دخوله في أبواب السَّرقة المتقدِّمة. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          وذكر فيه أيضًا اختلاف العلماء في تعيين مَنْ نزلت هذه الآية في حقِّهم بالبسط، فارجع إليه لو شئت. والبسط(4) منه في الجزء السَّادس مِنَ «الأوجز» فقد ذكر فيه أنَّ في آية المحاربة ثلاث مسائل: الأولى: أنَّه في الكَفرة أو في المسلمين؟ الثَّانية: في تعريف المحارب، الثَّالثة: أنَّ الأحكام الأربعة في الآية على التَّخيير أو التَّنويع.


[1] في (المطبوع): ((لأنه)).
[2] في (المطبوع): ((إخوة)).
[3] قوله: ((بلفظ)) ليس في (المطبوع).
[4] في (المطبوع): ((وبسط)).