الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب الاعتصام

           ░░96▒▒ كتاب الاعتصام
          هذا الكتاب عندَ هذا العبدِ الضَّعيفِ آخرُ كتاب مِنْ هذا «الصَّحيح»، فإنَّ الإمام البخاريَّ ☼ بدأ كتابه ببدء الوحي إلى رسول الله صلعم، وختمه بكتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، فإنَّه الأصل في الدِّين والشَّريعة، وأمَّا مَبْدَؤُه ومأْخَذُه فهو الوحي، وما سيأتي مِنْ كتاب الرَّدِّ على الجَهْميَّة ليس بكتابٍ مستأنَف عندي، فإنَّه بمنزلة التَّكملة لهذا الكتاب، فإنَّ مِنْ عادة الإمام الهُمام البخاريِّ أن يذكر في الكتب الأضدادَ، هذا ولذا ذكر أبواب الكفر في كتاب الإيمان وأبواب الجهل في كتاب العلم وأبواب الدُّعاء لمنع المطر في كتاب الاستسقاء وأمثاله، ولمَّا كان أبواب البدعة مِنْ أضداد كتاب الاعتصام مِنَ الكتاب والسُّنَّة ذكرها بعده.
          قالَ الحافظُ: (الاعتصام) افتعال مِنَ العصمة، والمراد امتثال قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} الآية [آل عمران:103].
          قالَ الكَرْمانيُّ: المراد بــ(الكتاب) القرآن المتعبَّد بتلاوته، وبـ(السُّنَّة) ما جاء عن النَّبيِّ صلعم مِنْ أقواله وأفعاله وتقريره ومَا هَمَّ بِفِعْلِه، والسُّنَّة في أصل اللُّغة: الطَّريقة، وفي اصطلاح الأصوليِّين والمحدِّثين ما تقدَّم، وفي اصطلاح بعض الفقهاء ما يرادف المستحبَّ. انتهى مختصرًا مِنْ «هامش اللَّامع».
          وبسط الكلام فيه على تحقيق معنى السُّنَّة، فارجع إليه لو شئت.
          وقد تقدَّم في مقدِّمة «اللَّامع» في بيان ذكر المناسبات بين الكتب والأبواب ما قالَ الحافظُ: ولمَّا كانت الأحكام كلُّها تحتاج إلى الكتاب والسُّنَّة، قال: الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، وذكر أحكام الاستنباط مِنَ الكتاب والسُّنَّة والاجتهاد وكراهية الاختلاف، وكأنَّ أصل العِصمة أوَّلًا وآخرًا هو توحيد الله تعالى، فختم بكتاب التَّوحيد. انتهى.
          قلت: وما ذكره الحافظ في الغرض مِنْ هذا الكتاب قد سبق إلى ذلك الكرمانيُّ إذ قال في آخر كتاب الاعتصام: وهذا آخر ما قصد إيراده في «الجامع» مِنْ مسائل أصول الفقه. انتهى.
          وأمَّا المناسبة بين كتاب الاعتصام والرَّدِّ على الجَهْميَّة فيمكن أن يقال: لمَّا كان الاستنباط مِنَ القرآن والسُّنَّة موجبًا للهداية مرَّةً والضَّلالة أخرى، فقد قال الله تعالى في الكتاب الحكيم: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} [البقرة:26]، ترجم بكتاب الرَّدِّ على الجَهْميَّة احترازًا عن الاستنباط المضلِّ، كذا في «هامش اللَّامع».
          <باب: الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة>
          هكذا في «النُّسخ الهنديَّة»، وأمَّا في «نسخ الشُّروح» فليس فيها هذا الباب، بل فيها <كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة> وذكر تحته أحاديث الباب.