الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب لا يعطى الجزار من الهدي شيئا

          ░120▒ (باب: لا يُعْطَى الجَزَّار مِنَ الهَدْي شيئًا)
          كتبَ الشَّيخ في «اللَّامع»: قوله: (ولا أُعْطِي عَلَيها شَيْئًا في جِزَارَتِها) يعني: منها، فحذف لفظه(1): (منها) لظهور المراد.
          وفي «هامشه»: ونبَّه على ذلك الإمام البخاريُّ إذ ترجم بلفظ: [ (لا يُعطى الجزَّار مِنَ الهدي شيئًا) قال الحافظ: قوله: (لا أعطي عليها شيئًا) إلى آخره، وكذا قوله في الرِّواية الَّتِي في الباب بعده: (ولا يعطي في جزارتها) ظاهرهما] (لا يُعْطَى(2) الجزَّار مِنَ الهدي(3) شيئًا ألبتَّة) وليس ذلك المراد، بل المراد ألَّا يُعْطَى(4) الجَزَّار منها شيئًا كما وقع عند مسلم، وظاهره مع ذلك غير مراد، بل بيَّن النَّسَائيُّ في روايته عن ابن جُريج أنَّ المراد منع عطيَّة الجزَّار مِنَ الهدي عوضًا عن أجرته، ولفظه: (ولا يُعْطَى في جِزَارَتِها منها شَيْئًا).
          ثمَّ بسط الحافظ في ضبط لفظ الجزارة وشرحه إلى أنْ قال: قال ابن خزيمة: والنَّهي عن إعطاء الجزَّار المراد [به]: ألَّا يُعطى منها عن أُجرته، وأمَّا إذا أُعْطِي أجرته كاملة ثمَّ تُصُدِّق عليه إذا كان فقيرًا فلا بأس بذلك، وقال غيره: وأمَّا إعطاؤه صدقة أو هديَّة فالقياس الجواز، لكنَّ إطلاق الشَّارع ذلك قد يُفهم منه منعُ الصَّدقة بألَّا(5) تقع مسامحة في الأجرة(6).
          قالَ القُرْطُبيُّ: ولم يرخِّص في إعطاء الجزَّار منها في أجرته إلَّا الحسنُ البصريُّ وعبد الله بن عبيد بن عمير. انتهى.
          قلت: إن كان مراد المصنِّف في التَّرجمة المنع مُطْلقًا فذلك بناء على ألَّا يتسامح في الأجرة، وإن كان مراده المنع مِنَ العطيَّة في الجزارة خاصَّة فالغرض حينئذ إمَّا الرَّدُّ على مذهب الحسن البصريِّ، أو شرحُ الحديث بأنَّ قوله: (لا أُعْطي عليها شيئًا) معناه: مِنَ الهدي كما تقدَّم في كلام الشَّيخ، والله أعلم.


[1] في (المطبوع): ((لفظةَ)).
[2] في (المطبوع): ((ألَّا يعطي)).
[3] قوله: ((من الهدي)) ليس في (المطبوع).
[4] في (المطبوع): ((يعطي)).
[5] في (المطبوع): ((لئلا)).
[6] فتح الباري:3/556 مختصرا