الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب غسل الخلوق ثلاث مرات من الثياب

          ░17▒ (باب: غسل الخَلُوْق ثلاث مرَّات مِنَ الثِّياب)
          قال الإسماعيليُّ: ليس في حديث الباب أنَّ الخَلُوْق كان على الثَّوب كما في التَّرجمة، وإنَّما فيه أنَّ الرَّجل كان متضمِّخًا، وقوله له: (اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ) يوضح أنَّ الطِّيب لم يكن في ثوبه، وإنَّما كان على بدنه، ولو كان على الجُبَّة لكان في نزعها كفاية. انتهى.
          والجواب: أنَّ البخاريَّ على عادته يشير إلى ما وقع في بعض الطُّرق، وسيأتي في محرَّمات الإحرام مِنْ وجه آخر بلفظ: (عليه قميص فيه أثر صُفْرة) والخَلُوْق في العادة إنَّما يكون في الثَّوب... إلى آخر ما في «هامش اللَّامع».
          قالَ(1) السِّنْديُّ: قوله: (اغْسِلِ الطِّيبَ الَّذِي بِكَ...) إلى آخره، الظَّاهر أنَّ المراد: الَّذِي بجسدك، فالدِّلالة على التَّرجمة بقياس الثَّوب على الجسد، وليس المراد في الحديث: الَّذِي بثوبك، إذ نزعُ الثَّوب يكفي في دفع ذلك، والحاصل أنَّ الرِّوايات وإن وردت بوجود الطِّيب بثوبه أيضًا لكنَّ المأمور بالغسل هو الَّذِي كان ببدنه، وأمَّا ما كان منه بالثَّوب فيكفي النَّزع فيه، والله تعالى أعلم. انتهى.
          وفي «هامش اللَّامع»: اعلم أنَّهم اختلفوا في مسألة الطِّيب للمُحْرِم، وتحقيق مذاهب الأئمَّة فيه كما بسطت في «الأوجز» مِنْ كتب فروعهم أنَّ التَّطيُّب بما يبقى جرمه بعد الإحرام ممنوع مُطْلقًا عند الإمام مالك ومحمَّد، سواء كان على البدن أو الثِّياب، ومباح مُطْلقًا عند الإمام الشَّافعيِّ وأحمد، سواء كان على البدن أو على الثَّوب، والتَّطيُّب بطيب ذي جِرم مباح على البدن دون الثِّياب عند الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، فهذا هو الصَّحيح مِنْ مسالك الأئمَّة، وإذا عرفت ذلك فقد(2) ظهر لك أنَّ مَيل الإمام البخاريِّ في هذه المسألة إلى مسلك الإمام أعظم(3) وأبي يوسف إذ ترجم أوَّلًا: بـ(باب: غَسل الخَلُوْق...) إلى آخره، وذكر فيه حديث صفوان، ثمَّ ذكر: (باب: الطِّيب عند الإحرام) وذكر فيه حديث عائشة ♦ قالت: (كأنِّي أنظر إلى وَبِيص الطِّيب...) إلى آخره.
          قال الحافظ: قوله: (باب: الطِّيب عند الإحرام) أراد بهذه التَّرجمة أن يبيِّن أنَّ الأمر بغسل الخَلُوْق في الحديث الَّذِي قَبْله إنَّما هو بالنِّسبة إلى الثِّياب لأنَّ المحْرِم لا يلبس شيئًا مسَّه الزَّعفران، كما سيأتي في الباب الَّذِي بعده، وأمَّا الطِّيب فلا يمنع استدامته على البدن. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((وقال)).
[2] في (المطبوع): ((وقد)).
[3] في (المطبوع): ((الأعظم)).