الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن

          ░115▒ (باب: ذَبحِ الرَّجُلِ البقرَ عن نسائه...) إلى آخره
          قال الحافظ: أمَّا التَّعبير بالذَّبح مع أنَّ حديث الباب بلفظ: (النَّحر) فإشارة إلى ما ورد في بعض طرقه بلفظ: (الذَّبْح) كما سيأتي، ونحر البقر جائز عند العلماء إلَّا أنَّ الذَّبْح مسْتَحَبٌّ عندهم لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} [البقرة:67] وخالف الحسن بن صالح فاستحبَّ نحرها، وأمَّا قوله: (مِنْ غير أمرهنَّ) فأخذه مِنِ استفهام عائشة عن اللَّحم لمَّا دُخِل به عليها، ولو كان ذبحه بعلمها لم تحتجْ إلى الاستفهام، لكن ليس ذلك دافعًا للاحتمال، فيجوز أن يكون علمُها بذلك تقدَّم بأن يكون استأذَنَهنَّ في ذلك، لكن لمَّا أُدخل اللَّحم عليها احتَمل(1) عندها أن يكون هو الَّذِي وقع الاستئذان فيه وأن يكون غير ذلك فاستَفْهَمَتْ عنه بذلك(2). انتهى.
          قلت: في التَّرجمة مسألتان:
          ░1▒إحداها: ذبحُ ما يُنحر ونحرُ ما يُذبح.
          ░2▒والثَّانية: مسألة الاستئذان في التَّضحية عن الغير. / ففي «روضة المحتاجين» يُسنُّ نحر الإبل وذبح البقر، وقالت المالكيَّة بوجوب النَّحر والذَّبح(3). انتهى.
          وفي «الرَّوض المُرْبِع»: يُسنُّ نحر الإبل وذبح غيره، ويجوز عكسه. انتهى.
          وأمَّا المسألة الثَّانية: قال القَسْطَلَّانيُّ: قالَ النَّوويُّ: هذا محمول على أنَّه أستأذنهنَّ لأنَّ التَّضحية عن الغير لا تجوز إلَّا بإذنه، قال البرماويُّ: وكأنَّ البخاريَّ عمل بأنَّ الأصل عدم الاستئذان(4). انتهى.
          وفي «الفيض»: قوله: (فقلت: ما هذا؟) إلى آخره، هذا هو موضع التَّرجمة، فإنَّه يدلُّ على أنَّ النَّبيَّ صلعم لم يكن استأمر عائشة، ولذا لم تعرف وسألت عنها، ولا بدَّ منه عند الفقهاء.
          قلت: لمَّا ثبت عندنا ضرورة الاستئمار شرعًا وجب علينا أن نحمله على معنى لا يخالف ما ثبت عنه ضرورة، وحينئذ المعنى أنَّها سألت(5) عنه، أنَّها هي الَّتِي أمرت بذبحها أو غيرها. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((لاحتمل)).
[2] فتح الباري:3/551
[3] كذا في الاصل والعبارة مبهمة، وقال في بداية المجتهد: واتَّفقوا على أنَّ الذكاة في بهيمة الأنعام نحر وذبح، وأن من سنة الغنم والطير الذبح، وأن من سنة الإبل النَّحر، وأن البقر يجوز فيها الذبح والنَّحر
[4] إرشاد الساري:3/224
[5] في (المطبوع): ((سُئلت)).