الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب التهجد

          ♫(1)
          ░░19▒▒ كتاب التَّهجُّد
          قالَ الكَرْمانيُّ: التَّهجُّد: التَّيقُّظ من النَّوم باللَّيل، و(الهجود) النَّوم، فمعناه: التَّجنُّب عن النَّوم. انتهى.
          ولا اختلاف بينهم في أنَّ بدء فَرْضيَّة التَّهجُّد كان بنزول سورة المزَّمِّل، واختُلف في نسخها متى وقع كما ذكره البخاريُّ في (باب: ما نُسخ مِنْ قيام اللَّيل) وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} الآية [المزمل:1].
          قال الحافظ في الباب المذكور: كأنَّه يشير إلى ما أخرجه مسلم عن عائشة، قالت: ((إنَّ الله افترض قيام اللَّيل في أوَّل هذه السُّورة، فقام نبيُّ الله صلعم وأصحابه حولًا حتَّى أنزل الله في آخر السُّورة التَّخفيف، فصار قيام اللَّيل تطوُّعًا بعد فريضة))، ولم يذكره البخاريُّ لكونه على غير شرطه، ومقتضى ذلك أنَّ النَّسخ وقع بمكَّة لأنَّ الإيجاب متقدِّم على فرض الخمس ليلة الإسراء، وكانت قبل الهجرة بأكثر مِنْ سنة، وحكى الشَّافعيُّ عن بعض أهل العلم أنَّ آخر السورة نَسَخ [افتراض] قيام اللَّيل إلَّا ما تيسَّر منه، ثمَّ نُسخ فرض ذلك بالصَّلوات الخمس(2)... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».
          ░1▒ (باب: التَّهجُّد بِاللَّيل...) إلى آخره
          اختلفوا في غرض التَّرجمة، قال الحافظ: قصدَ البخاريُّ إثبات مشروعيَّة قيام اللَّيل مع عدم التَّعرُّض لحكمه، وقد أجمعوا إلَّا شذوذًا مِنَ القدماء على أنَّ صلاة اللَّيل ليست مفروضة على الأمَّة، واختلفوا في كونها مِنْ خصائص النَّبيِّ صلعم، وسيأتي تصريح المصنِّف بعدم وجوبه على الأمَّة قريبًا. انتهى.
          والأَوجَهُ عندي أنَّ المصنِّف أشار بهذه التَّرجمة إلى الاختلاف المشهور في تهجُّده صلعم، هل كان واجبًا عليه أو مندوبًا كما يدلُّ عليه تبويبه بالآية الشَّريفة، وكلا الفريقين لمَّا كانوا تمسَّكوا بالآية الشَّريفة على اختلاف بينهم في معنى قوله: {نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء:79] فجعل البخاريُّ الآية ترجمة للتَّنبيه على الاختلاف في معناه، فقيل: معناه أنَّها كانت واجبة عليه صلعم، ثمَّ نُسِخ(3) فصارت نافلة، أي: تطوُّعًا لأنَّ الله تعالى غفر له ما تقدَّم مِنْ ذنبه وما تأخَّر، فكلُّ طاعة يأتي بها سِوى المكتوبة تكون زيادة في كثرة الثَّواب، فلهذا سُمِّي نافلة، وأمَّا الذين قالوا: إنَّها كانت واجبة عليه قالوا: معنى كونها {نَافَلَةً لَكَ} أي: فريضة زائدة لك خُصِصْتَ بها مِنْ بين الأمَّة. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] قوله: ((بسم الله الرحمن الرحيم)) ليس في (المطبوع).
[2] فتح الباري:3/22 مختصرا
[3] في (المطبوع): ((نسخت)).