الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ميقات أهل المدينة ولا يهلوا قبل ذى الحليفة

          ░8▒ (باب: ميقات أهل المدينة ولا يُهِلُّوا قبل ذي الحُلَيفة)
          بالمهملة والفاء، مصغَّرًا، مكان معروف بينه وبين مكَّة مئتا مِيل غيرَ ميلين، قاله ابن حزم. وقال غيره: بينهما عشر مراحل، وقالَ النَّوويُّ: بينها وبين المدينة ستَّة أميال، ووهم مَنْ قال: بينهما مِيل واحد. وبها مسجد يعرف بمسجد الشَّجرة خراب، وبها بئر يقال لها: بئر عليٍّ. انتهى مِنَ «الفتح».
          ثمَّ قال الحافظ: قد تقدَّمت الإشارة إلى هذا في (باب: فرض المواقيت) واستنبط المصنِّف مِنْ إيراد الخبر بصيغة الخبر مع إرادة الأمر تعيُّن ذلك، وأيضًا فلم يُنقل عن أحد ممَّن حجَّ مع النَّبيِّ صلعم أنَّه أحرم قبل ذي الحُليفة، ولولا تعيُّن الميقات لبادروا إليه لأنَّه يكون أشقَّ، فيكون أكثر أجرًا. انتهى.
          وفي «الفيض»: بحثا على المسألة(1).
          أمَّا المسألة في أهل المدينة خاصَّة فينبغي أن تكون كذلك عند الحنفيَّة أيضًا، وأرجو ألَّا تكون خلافًا لمسائلهم، فإنَّ أهل المدينة لمَّا كان ميقاتُهم أمامَهم فلا حاجة لهم إلى تقديم الإحرام، مع أنَّ في إحرامهم بميقاتهم تأسي بالنَّبيِّ صلعم بخلاف غيرهم، فإنَّ لهم في التَّقديم عملًا بالعزيمة وتماديًا في الإحرام، مع أنَّه لا يلزم عليهم مخالفة للسُّنَة أيضًا، فافترقا(2). انتهى.
          قلت: وقد تقدَّم اختلاف العلماء في هذه المسألة في (باب: فرض المواقيت) وأنَّ المصنِّف مال في هذه المسألة إلى مسلك الظَّاهريَّة كما تقدَّم عن الحافظ، وبه جزم العينيُّ والقَسْطَلَّانِيُّ.
          قالَ العَينيُّ: هذه العبارة تشير إلى أنَّ البخاريَّ ممَّن لا يرى تقديم الإهلال قبل المواقيت. انتهى.
          وقال القَسْطَلَّانيُّ: الظَّاهر أنَّ المصنِّف كان يرى المنع مِنْ ذلك. انتهى.


[1] كذا في الأصل وربما هي سهو، أما عبارة الفيض فكما سيوردها عقبها.
[2] فيض الباري:3/176