الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب قول الله تعالى: {يأتوك رجالا وعلى كل ضامر}

          ░2▒ (باب: قول الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27])
          قال الحافظ: قيل: إنَّ المصنِّف أراد أنَّ الرَّاحلة ليست شرطًا، قال ابن قصَّار: في الآية دليل قاطع لمالك أنَّ الرَّاحلة ليست مِنْ شرط السَّبيل، فإنَّ المخالف يزعم أنَّ الحجَّ لا يجب على الرَّاجل وهو خلاف الآية. انتهى.
          وفيه نظر، فقد روى الطَّبريُّ قال مجاهد: كانوا لا يركبون فأنزل الله تعالى: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج:27] فأمرهم بالزَّاد، ورخَّص لهم في الرُّكوب والمتجر، ورُوي عن ابن عبَّاس: ما فاتني شيء أشدُّ عليَّ ألَّا أكون حججت ماشيًا لأنَّ الله يقول: {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ [يَأْتِينَ]} [الحج:27] فبدأ بالرِّجال قَبْل الرُّكبان.
          وقال الحافظ أيضًا تحت الحديث: وغرضه منه الرَّدُّ على مَنْ زعم أنَّ الحجَّ ماشيًا أفضلُ لتقديمه في الذِّكر على الرَّاكب، فبيَّن أنَّه لو كان أفضل لفعله النَّبيُّ صلعم قاله ابن المنيِّر، وقال غيره: مناسبة الحديث للآية أنَّ ذا الحُلَيفَة فجٌّ عميق، والرُّكوب مناسب لقوله: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} [الحج:27]، وقال الإسماعيليُّ: ليس في الحديثين شيء ممَّا ترجم الباب به، ورد بأنَّ فيهما الإشارةَ إلى أنَّ الرُّكوب أفضل، فيُؤخذ منه جواز المشي. انتهى.
          وقال ابن المنذر: اختلف في الرُّكوب والمشي للحُجَّاج أيُّهما أفضل؟ فقال الجمهور: الرُّكوب أفضل لفعل النَّبيِّ صلعم، ولكونه أَعْوَنَ على الدُّعاء والابتهال، ولِما فيه مِنَ المنفعة، وقال إسحاق بن راهَوَيْهِ: المشي أفضل لما فيه مِنَ التَّعب، ويحتمل أن يقال: يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، والله أعلم(1). انتهى [مِنَ «الفتح»]. / وفي «تراجم شيخ المشايخ»: استدلَّ بعضهم على أولويَّة الذَّهاب ماشيًا لتقديم قوله: {يَأْتُوكَ رِجَالًا} [الحج:27] وغرض المصنِّف بإيراد حديث ركوبه صلعم الإشارة إلى ما ذهب إليهم الجمهور مِنْ مساواة المشي بالرُّكوب. انتهى.
          وقال الدَّرْدِير: وفضل ركوب في الحجِّ على المشي لأنَّه فعله ╕ (2). انتهى.


[1] فتح الباري:3/379 مختصرا
[2] الشَّرح الكبير: ج2/ص10