الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الجمع بين الصلاتين بعرفة

          ░89▒ (باب: الجمع بين الصَّلاتين بعرفة...) إلى آخره
          قالَ الشَّيخ في «البذل»: اختُلف في هذا الجمع هل هو للسَّفر أو للنُّسك؟
          قال الحافظ: وقد ذهب الجمهور إلى أنَّ ذلك الجمع المذكور يختصُّ بمن يكون مسافرًا بشرطه، وعن مالك _وهو وجه للشَّافعيَّة_ أنَّه للنُّسك، فيجوز الكلُّ. انتهى.
          قلت: وكذا عند الحنفيَّة كما قال القاري في «شرح المناسك» خلافًا للشَّافعيِّ في تخصيصه بالمسافر. انتهى ملخَّصًا مِنَ «البذل».
          قلت: و كذا عند الحنابلة، قالَ الموفَّق: ويجوز الجمع لكلِّ مَنْ بعرفة مِنْ مكِّيٍّ وغيرِه. انتهى.
          وعند بعض الحنابلة: لا يَجمع بينهما إلَّا مسافرٌ، وردَّ عليه الموفَّق بقوله: لأنَّ النَّبيَّ صلعم جمع فجمع معه مَنْ حضره مِنَ المكِّيِّين وغيرهم، ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال: ((أتمُّوا فإنَّا سَفْرٌ)). انتهى.
          فالحاصل مِنْ فروعهم أنَّ الجمع للنُّسك عند الأئمَّة الثَّلاثة خلافًا للشَّافعيِّ فقط، والعجب مِنَ الحافظ حيث عزا مذهبه إلى الجمهور، وهذا مِنْ دأبه المعروف.
          ثمَّ اختلفوا أيضًا، فقال أبو حنيفة: يختصُّ الجمع بمن صلَّى مع الإمام حتَّى لو صلَّى الظُّهر وحده أو بجماعة بدون الإمام لا يجوز، وخالفه صاحباه فقالا: المنفرد أيضًا كالأئمَّة الثَّلاثة، كذا في القَسْطَلَّانيِّ.
          وقال ابن عابدين: عند الإمام للجمع ستُّ شرائط، وقالا: لا يشترط إلَّا الإحرام، وبه قالت الأئمَّة الثَّلاثة. انتهى.