الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب فضائل القرآن

          ░66▒ <كتاب أبواب فضائل القرآن
          ♫>
          هكذا في «النُّسخ الهنديَّة»، وفي «نسخ الشُّروح الثَّلاثة»: <كتاب فضائل القرآن> قال العَينيُّ: ولم يقع لفظ <كتاب(1)> إلَّا في رواية أبي ذَرٍّ، والمناسبة بين كتاب التَّفْسير وبين كتاب فضائل القرآن ظاهرةٌ لا تخفى، والفضائل: جمع فضيلةٍ، قال الجوهريُّ: الفَضْل والفَضِيلة خلاف النَّقص والنَّقيصة. انتهى.
          وفي «هامش اللَّامع»: قال السُّيوطيُّ في «الإتقان»: اختَلف النَّاس هل في القرآن شيءٌ أفضلُ مِنْ شيءٍ، فذهب الأشعريُّ والباقلَّانيُّ وابن حبَّان إلى المنع، لأنَّ الجميع كلام الله ╡، ولئلَّا يوهم التَّفضيلُ نقصَ المفضَّل عليه، ورُوي هذا عن مالكٍ، وذهب الجمهور إلى التَّفضيل لظواهر الأحاديث.
          قال القُرْطُبيُّ: إنَّه الحقُّ، وقال ابن الحصَّار: العجب ممَّن يذكر الاختلاف في ذلك مع النُّصوص الواردة في التَّفضيل، ثُمَّ ذكر في «هامش اللَّامع» كلام الإمام الغزاليِّ عن «جواهر القرآن» فارجع إليه لو شئت.
          قال القَسْطَلَّانيُّ: اختُلف [هل] في القرآن شيءٌ أفضلُ مِنْ شيءٍ؟ فذهب الأشعريُّ والقاضي أبو بكرٍ إلى أنَّه لا فضل لبعضه على بعضٍ، لأنَّ الأفضل يُشْعِر بنقص المفضول / وكلام الله تعالى حقيقةٌ واحدةٌ لا نقص فيه، وقال قومٌ بالأفضليَّة لظواهر الأحاديث كحديث ((أعظم سورةٍ في القرآن)) ثُمَّ اختلفوا، فقال قومٌ: الفضل راجعٌ إلى عِظم الأجر والثَّواب، وقال آخرون: بل لذات اللَّفظ، وأنَّ ما تضمَّنته آية الكرسيِّ وآخر سورة الحشر وسورة الإخلاص مِنَ الدِّلالة على وحدانيَّته تعالى وصفاته ليس موجودًا مثلًا في: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد:1] فالتَّفضيل بالمعاني العجيبة وكثرتها لا مِنْ حيث الصِّفة.
          وقال الجُوينيُّ: مَنْ قال: إنَّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أبلغ مِنْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} بجعل مقابلةٍ بين ذكر الله وذكر أبي لهبٍ، وبين التَّوحيد والدُّعاء على الكافرين فذلك غير صحيحٍ، بل ينبغي أن يقال: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد:1]، دعاءٌ عليه بالخسران، فهل توجد عبارةٌ للدُّعاء بالخسران أحسنُ مِنْ هذه؟ وكذلك في: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] لا توجد عبارةٌ تدلُّ على الوحدانيَّة أبلغُ منها، فالعالِم إذا نظر إلى {تَبَّتْ} في باب الدُّعاء بالخسران، ونظر إلى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] في باب التَّوحيد لا يمكنه أن يقول: أحدهما أبلغ مِنَ الآخر، وهذا التَّقييد يغفل عنه مَنْ لا علم عنده بعلم البيان، ولعلَّ الخلاف في هذه المسألة يلتفت إلى الخلاف المشهور أنَّ كلام الله شيءٌ واحدٌ أم لا؟ وعند الأشعريِّ أنَّه لا يتنوَّع في ذاته بل بحسب متعلَّقاته، وليس لكلام الله الَّذي هو صفةُ ذاتِه بعضٌ لكن بالتَّأويل والتَّعبير وفهم السَّامعين اشتمل على أنواع المخاطبات، ولولا تنزُّله في هذه المواقع لما وصلنا إلى فهم شيءٍ منه. انتهى.


[1] لعل الصواب: ((باب)).