الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

كتاب العلم

           ♫ (1)
           ░░3▒▒ كتاب العلم
          قال الكرمانيُّ: إنَّما قدَّم هذا الكتاب على سائر الكتب الَّتي بعده، لأنَّ مدار تلك الكتب كلِّها على العلم، وإنَّما لم يقدَّم على الإيمان لوجوبه أوَّلًا، أو لشرفه عن العلم. انتهى.
          أو لأنَّ العلم المعتبر هو المرتَّب على الإيمان، وإلَّا فهو أشدُّ مِنَ الجهل.
ع علمي كه راه حق نه نمايد جهالت است(2)
          وأمَّا تقديم كتاب الوحي فلتوقُّف معرفة الإيمان وجميع ما يتعلَّق بالدِّين عليه أو لأنَّه أوَّل خيرٍ نزل مِنَ السَّماء إلى هذه الأمَّة. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع» بزيادة.
          قال القاري في «المرقاة»: والعلم نورٌ في قلب المؤمن، مقتبسٌ مِنْ مشكاة النُّبوَّة، مِنَ الأقوال والأفعال والأحوال، يُهْتَدى به إلى الله وصفاته وأفعاله وأحكامه، فإن حصل بواسطة البشر فهو كسبيٌّ، وإلَّا فهو العلم اللَّدُنِّي، المنقسم إلى الوحي والإلهام والفِراسة، فالوحي لغةً: إشارةٌ بِسُرعةٍ، واصطلاحًا: كلامٌ إلهيٌّ منزَّلٌ إلى الرَّسول صلعم، والإلهام لغةً: الإِبلاغ، وهو علمٌ حقٌّ يقذفه الله مِنَ الغيب في قلوب عباده، {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ} [سبأ:48]، والفِراسة: [علم] (3) ينكشف مِنَ الغيب بسبب تفرُّس آثار الصُّور (اتَّقُوا فِرَاسَة المؤمِن فإنَّه يَنْظُر بنورِ الله)(4)، فالفرق بين الإلهام والفِراسة أنَّها كشف الأمور الغيبيَّة بواسطة تَفَرُّس آثار الصُّور، والإلهام كشفها بلا واسطةٍ، والفرق بين الإلهام والوحي أنَّه تابعٌ للوحي مِنْ غير عكسٍ(5). انتهى.
          قوله: (بِسْمِ الله الرَّحمَن الرَّحِيْم) هكذا في / رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذرٍّ: تقديم البسملة، وقدَّمنا وجهه في كتاب الإيمان يعني: أنَّ الثَّاني ظاهرٌ، ووجه الأوَّل أنَّ الكتاب بمنزلة اسم السُّورة والأحاديث بمنزلة الآيات. انتهى من «الفتح».


[1] قوله: ((بسم الله الرحمن الرحيم)) ليس في (المطبوع).
[2] أخرجه الترمذي في أبواب تفسير القرآن، باب ومن سورة الحجر، (رقم: 3127) وقال: هذا حديث غريب، والطبراني في الأوسط باب الباء، من سمه بكر، (رقم: 3254) وقال عنه في مجمع الزوائد إسناده حسن
[3] قوله: ((علم)) ليس في (المطبوع).
[4] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح1/280 بتصرف، وما بين معقوفتين من المرقاة توضيحا للمعنى المطلوب.
[5] الكواكب الدراري: ج2/ص9 .