التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب ثمن الكلب

          ░113▒ بَابُ: ثَمَنِ الكَلْبِ.
          2237- ذكر حديثَ أبي مسعودٍ الأنصاريِّ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ، وَمَهْرِ البَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ).
          2238- وحديثَ أَبِي جُحَيْفَةَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ، وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَكَسْبِ الأَمَةِ، وَلَعَنَ الوَاشِمَةَ وَالمُتَوَشِّمةَ، وَآكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ المُصَوِّرَ).
          وهذا الحديث سبق في باب: مُوكِل الرِّبا [خ¦2086].
          وحديثُ أبي مسعودٍ أخرجه مسلمٌ أيضًا، وللبخاريِّ وحدَه عن أبي هريرة: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ صلعم عَنْ كَسْبِ الإِمَاءِ)) خرَّجه في كتاب الإجارة وفي غيره كما ستعلمُه.
          وفي أفراد مسلم مِنْ حديث رافعِ بن خَديجٍ مرفوعًا: ((شَرُّ الْكَسْبِ مَهْرُ الْبَغِيِّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ)) وفي رواية له: ((ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ)) وفي أفراده مِنْ حديث أبي الزُّبَير: سألت جابر بن عبد الله عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ، فَقَالَ: ((زَجَرَ النَّبيُّ صلعم عَنْ ذَلِكَ))، وما في حديث أبي جُحَيفةَ عَن ثَمَنِ الدَّمِ أي: الحِجامة، فهو مكروه، تنزُّهًا عن رذائل المكاسب، وكسبُ الإماء والرِّبا محرَّمان بالكتاب، ومُوكله بالسُّنَّة، ففيه الجمع بين المختلفات.
          والمراد عند مالكٍ: الكلب الَّذي نُهِيَ عن اقتنائه، وينقص مِنْ أجرِه كلَّ يوم قيراطان، كما سلف واضحًا.
          (وَحُلْوَانِ الكَاهِنِ) هو أجرته، والحُلوان: العطاء، ووجهُ النَّهي عنه أنَّه مِنْ أكل المال بالباطل. يُقال: حَلَوْتُهُ كذا، أَحْلُوهُ حَلْوًا وحُلْوانًا، وقال بعضهم: أصلُه مِنَ الحَلاوة، تشبه بالشَّيء الحُلو، يُقال: حَلَوْتُ فلانًا إذا أطعمتَه الحلوى، كما تقول: عَسَلْتُهُ وثَمَرْتُهُ.
          (وَمَهْرِ البَغِيِّ) يأتي الكلام عليه في الإجارة، والمراد ما كانوا في الجاهليَّة يفعلونه مِنْ إكراه فَتَيَاتهم على البِغاء، فكان ما يُؤخذ على ذلك مَهرًا لها. قال ابنُ التِّين: وضُبط (البَغِيِّ) بكسر الغين وتشديد الياء، ثمَّ نُقِلَ عن أبي الحسن أنَّه قال: الَّذي نقرؤه بإسكان الغين، والذي ذكره أهل اللُّغة أنه بكسر الغين وتشديد الياء: الفاجرة والأَمَة.
          وقوله: (وَكَسْبِ الأَمَةِ) هو مهرُ البغيِّ أيضًا.