التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب البيع والشراء مع النساء

          ░67▒ بَابُ: البَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ النِّسَاءِ.
          2155- ذَكر فيه حديثَ عائشة في شرائها بَريرةَ مِنْ طريقين.
          وشيخُ البخاريِّ في الثَّاني (حَسَّانُ بْنُ أَبِي عَبَّادٍ)، واسمه حسَّان، فهو أبو عليٍّ حسَّان بن حسَّان، مِنْ أفراد البُخاريِّ، قال أبو حاتمٍ: مُنْكَر الحديث. قال الكَلاباذيُّ: مات سنةَ ثلاثَ عشرةَ ومئتين.
          والأمَّة مجمعةٌ على أنَّ المرأة إذا كانت مالكةً أمرَ نفسها جائزًا لها أمرُها أنَّ لها أن تبيع وتشتري، وليس لزوجها عليها في ذلك اعتراضٌ، فإن كان في البيع محاباةٌ قصدت إليها، فالمحاباة كالعطيَّة، وقد اختلف العلماء في عطيَّتها بغير إذن زوجها، وقد سلف في الزَّكاة.
          وفي قوله: (اشْتَرِي وَأَعْتِقِي) بعد أن ذكرتْ له استشارة الزَّوج.
          وفيه الاستفتاءُ قبل الفعل. وفيه إذنُ الشَّارع لها في الاشتراء. وفيه دِلالة أنَّها أعلمته قبل الشِّراء، وهو دليلٌ على بعض المالكيَّة القائلين هو بيعٌ فاسد، وأنَّها ابتاعت مِنْ غير علمِه، وفوَّتت المبيعَ بالعِتق، ففيه أنَّ البيع الفاسد يفوتُ بالعتق عنده، والحديث يردُّه. وقال أصحاب أبي حنيفة: ملكَت بالقبض في هذا العقد الفاسدِ ملكًا تامًّا ومذهبُه مثلُنا، إلَّا أنَّه قال: يُرَدُّ المبيعُ بيعًا فاسدًا مع النَّماء المنفصل والمتَّصل، وإذا وطئ غَرِم الأرشَ.
          وقال الشَّافعيُّ: لا تأثير للقبض في البيع الفاسد، وبه قال سُحْنون في الحرام البيِّن، وانفصلت الشَّافعيَّة بوجوه، مِنْها: أنَّه يجوز أن يكون هذا الشَّرط تقدَّم العقد، وإنَّما تفسُد المقارنة.
          ومِنْها: أنَّ عائشةَ قضَت بالصِّحَّة، وإن قارنه فسادٌ بدليل قوله: ((وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ)) وهو لا يأمر بشرط فاسد. ومِنْها: أنَّ ((لَهُمُ)) بمعنى عليهم، مثل: {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ} [غافر:52] وغيرِه، ويُنازع فيها. والتَّخصيص بعيدٌ إذ لو وقع لنُقِلَ كما نُقل في عَناق أبي بَرْدة، وشهادةِ خُزيمةَ بشهادتين، وتخصيصِ ابن عوف بلُبسِ الحرير، وحسَّان بإنشاد الشِّعر في المسجد، وفيهما نظرٌ.
          وقوله: (اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ) تفرَّد به هشامُ بن عُروة وكان قد سَاء حفظُه، واختلط في آخر عمره، وقد سلف التَّنبيه على ما فيه.
          وقوله: (فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ) فيه حُجَّة على أبي حَنيفة حيث قال: لو والى رجلٌ رجلًا ولا نَسب بينهما توارَثَا وتعاقَلا، ولهما أن يفسخا الموالاة ما لم يعقل أحدهما عن الآخر.
          وفيه أيضًا نفيُ الإرث بالإسلام على يد شخص، خلافًا لعمر بن عبد العزيز، واستدلَّ به مَنْ قال: إنَّ عتق السَّائبة لمعتقه، وهو قولُ بعض أصحاب مالك، ومذهب مالكٍ أنَّ ولاءه لجميع المسلمين، وعليهم عقلُه، وهو قول عمرَ والنَّخَعيِّ والشَّعبيِّ.
          وزوج بريرة كان عبدًا كما قاله ابن عبَّاس. وقال نافع: لا أدري كان حرًّا أو عبدًا. واسمه مُغيث.