التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بيع الفضة بالفضة

          ░78▒ بَابُ: بَيْعِ الفِضَّةِ بِالفِضَّةِ.
          2176- ذَكر فيه حديثَ ابن عمر: (أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ حَدَّثَهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم: فَلَقِيَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا هَذَا الَّذي تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلعم؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فِي الصَّرْفِ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلعم يَقُولُ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالوَرِقُ بِالوَرِقِ مِثْلًا بِمِثْلٍ).
          2177- وحديثَ نَافِعٍ، (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم قَالَ: لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ). وذكر مثلَه في الفضَّة: (وَلاَ تَبِيعُوا مِنْها غَائِبًا بِنَاجِزٍ).
          حديثُ أبي سعيدٍ أخرجه مسلمٌ وفي رواية له: ((لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ، إِلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ)).
          وفي السَّند الأوَّل: (حدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدٍ، حدَّثنا عَمِّي) _هو يعقوبُ بن إبراهيم_ (حدَّثنا ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَمِّهِ).
          و(ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ) هو محمَّد بن عبد الله بن مسلم، قتله غلمانه بأمر ابنه، وكان سفيهًا شاطرًا، قتله للميراث في آخر خلافة أبي جعفرٍ، ثمَّ وثب غلمانُه عليه بعد سنين فقتلوه أيضًا.
          وقد أسلفنا في ذلك الباب معنى: (لاَ تُشِفُّوا) والمرادُ هنا به الزِّيادةُ، وهذا ما يردُّ على ابن عبَّاس أنَّه كان يجيز الدِّرهمَ بالدِّرهمين يدًا بيدٍ، ويقولُ: إنَّما الرِّبا في النَّسيئة، وقد سَلف ما فيه هناك، والإجماعُ على خلافه سلفٌ عن خلفٍ، وبذلك كتب الصِّدِّيق إلى عمَّاله، وَرُوِيَ مثلُه عن عليٍّ، وروى مجاهدٌ عن ثمانيةَ عشرَ مِنَ الصَّحابة مثلَه.
          والشَّارع حرَّم الرِّبا حراسةً للأموال وحفظًا لها، فلا يجوزُ واحدٌ باثنين مِنْ جِنْسه، لاتِّفاق الأغراضِ بخلاف غير الجنس، لاختلاف الأغراض والمنافع، ولذلك قال: ((وَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالفِضَّةِ _وعكسه_كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بَيَد)).
          والنَّاجِز: الحاضر، يُقال: نَجَزَ المالُ إذا حَضَرَ، ومِنْه قولُه: وما نَجَزَ فلانٌ وعدًا، وفي إطلاق عدم الشفِّ ما يقتضي تحريمَ قليلِ الزِّيادة وكثيرِها أي: لا تبيعوا إحداهما زائدًا على الأخرى، تقول العرب: قد أشفَّ فلانٌ بعضَ بَنيهِ على بعضٍ، إذا فضَّل بعضَهم على بعضٍ. ويُقال: ما أقربَ شفَّ ما بينَهما أي فضلَ ما بينهما، وفلانٌ حريصٌ على الشَّفِّ، يعني الرِّبحَ.