التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بيع المنابذة

          ░63▒ بَابُ: بَيْعِ المُنَابَذَةِ.
          (قَالَ أَنَسٌ: نَهَى عَنْهُ النَّبيُّ صلعم).
          2146- ثمَّ ساق حديثَ أبي هريرة (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلعم نَهَى عَنِ المُلاَمَسَةِ وَالمُنَابَذَةِ).
          2147- (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: نَهَى النَّبيُّ صلعم عَنْ لِبْسَتَيْنِ، وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ: عَنِ المُلاَمَسَةِ، وَالمُنَابَذَةِ).
          قد تقدَّم ذلك كلُّه في الباب الماضي.
          وشيخُ البخاريِّ (عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ) _بالشِّين المعجمة والمثنَّاة تحتُ_ الرَّقَّامُ البصريُّ، مات سنة ستٍّ وعشرين ومئتين، انفرد به البخاريُّ، وعيَّاش بن عبَّاس القِتْبانيُّ انفرد به مسلم، ومَنْ عداهما عبَّاسٌ بالسِّين المهملة، مِنْهم ابنُ الوليد النَّرْسيُّ.
          واعلم أنَّ البخاريَّ ترجم على حديث أنسٍ الَّذي علَّقه هنا وفي الباب الماضي باب: بيع المخاضَرة، ثمَّ أسنده بلفظ: ((نَهَى رَسُولُ اللهِ صلعم عَنِ الْمُحَاقَلَةَ، وَالْمُخَاضَرَةِ، وَالْمُلَامَسَةِ، وَالْمُنَابَذَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ)). وقد أسلفتُ لك أنَّه مِنْ أفراده.
          و((الْمُحَاقَلَة)) هو بيعُ الزَّرع في سنبله بصافيةٍ عندنا، مأخوذ مِنَ الحقل وهي السَّاحات الَّتي تزرع، فسمِّيت محاقَلة، لتعلُّقها بزرع في حقل. وقال الماوَرْديُّ: الحقل: السُّنبل، وهو في لسان العرب: الموضِع الَّذي يكون فيه الشَّيء كالمعدِنِ. ووجهُ النَّهي عنها / أنَّه بيعُ مقصودٍ مستَتِرٍ بما ليس مِنْ صلاحه، وأيضًا فإنَّه بيع حنطة وتبنٍ بحنطةٍ، فإنَّ الصَّافيةَ الخالصةُ مِنَ التِّبن، ولعدم العلم بالمماثلة أيضًا، فلو باع شعيرًا في سُنبله بحنطةٍ صافية وتقابضا في المجلس، أو باع زرعًا قبل ظهور الحبِّ بحبٍّ جاز، لأنَّ الحشيش غيرُ رِبَويٍّ.
          ومِنْهم مَنْ فسَّر المحاقلة ببيعِ الزَّرع قبل أن يطيب، وقيل: هو حقل ما دام أخضر، وقيل: هي المزارعة بالثُّلث والرُّبع أو نحوه ممَّا يخرج مِنْها، فيكون كالمخابَرة.
          وحديث جابرٍ في «الصحيح»: ((نَهَى عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ...)) إلى آخره، يردُّه.
          ((وَالْمُخَاضَرَةِ)) بيعُ الثِّمار خَضِرًا لم يبدُ صلاحُها. ((وَالْمُزَابَنَةِ)) بيع الرُّطب على رؤوس النَّخل بتمر على وجه الأرض، واستثنى مِنْه العرايا كما سيأتي.