التوضيح لشرح الجامع البخاري

باب بيع الخلط من التمر

          ░20▒ بَابُ: بَيْعِ الخِلْطِ مِنَ التَّمْرِ.
          2080- ذَكر فيه حديثَ أَبِي سَعِيدٍ: (كُنَّا نُرْزَقُ تَمْرَ الجَمْعِ، وَهُوَ الخِلْطُ مِنَ التَّمْرِ، وَكُنَّا نَبِيعُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، فَقَالَ صلعم: لاَ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، وَلاَ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ).
          فقهُ الباب: إنَّ التَّمر كلَّه جنسٌ واحد رديئُه وجيِّدُه، لا يجوز التَّفاضل في شيء مِنْه، ويدخل في معنى التَّمر جميع الطعام، فلا يجوز في الجنس الواحد مِنْه التَّفاضل ولا النَّساءُ بإجماع، وإذا كانا جنسين كحنطة وشعير جاز التَّفاضل، واشتُرط الحلول والمماثلة. هذا حكم الطَّعام المقتات كلِّه عند مالكٍ. وعند الشَّافعيِّ: الطَّعام كلُّه المقتات والمتفكَّه به والمتداوى. وعند الكوفيِّين: الطَّعام المَكيل والموزون.
          وفيه مِنَ الفقه أنَّ مَنْ لم يعلم بتحريم الشَّيء فلا حرج عليه حتَّى يعلمَه، والبيع إذا وقع محرَّمًا فهو منسوخٌ مردود لقوله _◙_: ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ)).
          فائدة: (الجَمْعِ) هو الخِلط مِنَ التَّمر. قال الأصمعيُّ: هو كلُّ لون مِنَ التَّمر لا يُعرف اسمُه. وقيل: هو نوع رديء. وقيل: هو المختلِط. وعن المطرِّز: هو نخلُ الدَّقَلِ يعني تمر الدَّوم، قاله عِياضٌ، والذي في «المغرب» له: الجَمْعُ: الدَّقَل لأنَّه يجمع مِنْ خمسين نخلةً.
          وقال صاحب «المطالع»: هو تمرٌ مِنْ تمر النَّخلِ رديءٌ يابسٌ. و(الخِلْطُ) مِنَ التَّمر ألوانٌ مجتمعة. وفي «الموعَب» يُقال: ما أكثر الجمعَ في أرض بني فلان! للنَّخل الَّذي يخرج مِنَ النَّوى ولا يعرف.
          أخرى: قول ابن عبَّاس: لا ربا إلَّا في النَّسيئة ثبت رجوعُه عنه.
          أخرى: قال الأثرم في «سننه»: قلت لأبي عبد الله: التَّمر بالتَّمر وزنًا بوزن؟ قال: لا، ولكن كيلًا بكيل، إنَّما أصل التَّمر الكيل. قلت لأبي عبد الله: صاعٌ بصاعٍ، وأحدُ التَّمرين يدخل في المكيال أكثر؟ فقال: إنَّما هو صاعٌ بصاع، أي جائز.
          أخرى: قوله: (وَلاَ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ) يؤيِّده الحديث الآخر: ((الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ)) إلى أن قال: ((وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ)) حتَّى عدَّد السِّتَّة.