إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد

          4797- وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثنا“ (سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى) ولأبي ذرٍّ زيادة: ”ابن سعيد“ أبو عثمان الأمويُّ البغداديُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) يحيى قال: (حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ) بكسر الميم وسكون السين وفتح العين المهملتين آخره راء؛ ابن كِدام (عَنِ الحَكَمِ) بفتحتين ابن عتيبة(1) (عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى) عبد الرحمن (عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ☺ ): أنَّه (قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ) القائلُ كعب بن عجرة، كما أخرجه ابن مردويه، ووقع السؤال عن ذلك أيضًا لبشير بن سعد(2) والد النعمان بن بشير، كما في حديث ابن مسعود عند مسلمٍ (أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ) بما علَّمتنا(3) من أن نقول في التحيات: السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، وقد أمرنا الله في الآية بالصَّلاة والسَّلام عليك، وفي «التِّرمذيِّ» من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: لمَّا نزلت: {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}... الآيةَ[الأحزاب:56] قلنا: يا رسول الله؛ قد علمنا السَّلام (فَكَيْفَ الصَّلَاةُ؟) زاد أبو ذرٍّ: ”عليك“ أي: علمنا كيف اللفظ الذي به نصلي عليك كما علَّمتنا السَّلام، فالمراد بعدم علمهم الصَّلاة: عدم معرفة تأديتها بلفظٍ لائقٍ به ╕ ؛ ولذا وقع بلفظ «كيف» التي يسأل بها عن الصِّفة، وفي حديث أبي مسعودٍ البدريِّ عند الإمام أحمد وأبي داود والنَّسائيِّ والحاكم أنَّهم قالوا: يا رسول الله؛ أمَّا السَّلام؛ فقد عرفناه، فكيف نصلِّي عليك إذا نحن صلَّينا في صلاتنا؟ وبه استدلَّ الشافعيُّ على الوجوب في التشهُّد الأخير كما مرَّ (قَالَ) ╕ : (قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ) والأمرُ للوجوب، وقال: قولوا، ولم يقل: قل؛ لأنَّ الأمر يقع للكلِّ، وإن كان السائل البعض (كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ) «فعيل» من الحمد بمعنى: محمود، وهو مَن تُحمَدُ ذاته وصفاته، أو المستحقُّ لذلك (مَجِيدٌ) مبالغةٌ بمعنى: ماجد، من المجد؛ وهو الشرف (اللَّهُمَّ بَارِكْ) من البركة؛ وهي الزيادة من الخير (عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) ولم يقل في الموضعين: «على إبراهيم»، بل قال: «كما صلَّيت على آل إبراهيم» و«كما باركت على آل إبراهيم».


[1] في غير (د): «عيينة»، وهو تصحيفٌ.
[2] في (م): «سعيد».
[3] في (م): «علمناه».