إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

قوله:{إن تبدوا شيئًا أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليمًا}

          ░9▒ (قوله) تعالى يخاطب مَن أضمر نكاح عائشة بعده صلعم : ({إِن تُبْدُوا}) ولأبي ذرٍّ: ”باب“ بالتَّنوين ”في قوله(1): {إِن تُبْدُوا}“ ({شَيْئًا}) تظهروا شيئًا من تزوُّج(2) أمَّهات المؤمنين على ألسنتكم ({أَوْ تُخْفُوهُ}) في صدوركم ({فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}) لا تخفى عليه خافيةٌ {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ}[غافر:19] ولمَّا نزلت آية الحجاب؛ قال الآباء والأبناء والأقارب: أونحن أيضًا نكلِّمهنَّ من وراء حجاب؟ فأنزل الله تعالى: ({ لَّا جُنَاحَ}) لا إثمَ ({عَلَيْهِنَّ فِي}) ألَّا يحتجبنَ من ({آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ}) يعني: النساء المؤمنات لا الكتابيات ({وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}) مِنَ العبيد والإماء، وقال سعيد بن المسيَّب ممَّا(3) رواه ابن أبي حاتم: إنَّما يعني به الإماء فقط، وإنَّما لم يذكر العم والخال؛ لأنَّهما بمنزلة الوالدين؛ ولذلك(4) سمَّى العمَّ أبًا في قوله: {وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ}[البقرة:133] وقال عِكرمة والشَّعبيُّ فيما رواه ابن جريرٍ عنهما: لأنَّهما ينعتانها(5) لأبنائهما، وكرها(6) أن تضع(7) خمارها عند خالها وعمها ({وَاتَّقِينَ اللهَ}) عطفٌ على محذوفٍ، أي: امتثلن ما(8) أُمِرتنَّ واتَّقين الله أن يراكُنَّ غير هؤلاء ({ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}[الأحزاب:54-55]) أي: إنَّه تعالى شاهد عند اختلاء بعضكم ببعض، فخلوتكم مثل ملئكم بشهادة الله‼، فاتَّقوه؛ فإنَّه شهيدٌ على كلِّ شيءٍ، فراقبوا الرقيب، وسقط لأبي ذرٍّ من قوله: «{بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}» إلى قوله: «{عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (9)}»، وقال بعد قوله: {كَانَ}: ”إلى قوله: {شَهِيدًا}“، وسقط لفظ «باب» لغيره.


[1] «في قوله»: ليس في (د).
[2] في (د) و(ص): «تزويج».
[3] في (ص): «فيما».
[4] في (م): «لذا».
[5] في (ص): «ينعتانهما».
[6] في (ص): «كره».
[7] أي: تزيل وترفع.
[8] في (ص): «بما».
[9] «{شَهِيدًا}»: ليس في (د) و(ص) و(م).