إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{ربنا إننا سمعنا مناديًا ينادي للإيمان}

          ░20▒ هذا(1) (بابٌ) بالتَّنوين في قوله تعالى: ({رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا (2)}) هو محمَّد صلعم ؛ قال الله تعالى: {وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ}[الأحزاب:46] وقيل: القرآن؛ لقوله تعالى: {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ}[الجن:2] فكأنَّه يدعو إلى نفسه، و«سمع» إِنْ دخلت على ما يصحُّ أن يُسمَع؛ نحو: سمعت كلامك وقراءتك تعدَّت لواحدٍ، وإن دخلت على ما لا يصحُّ سماعه بأن كان ذاتًا فلا يصحُّ الاقتصار عليه وحده، بل لا بدَّ من الدَّلالة على شيءٍ يُسمَع؛ نحو: سمعت رجلًا يقول كذا، وللنحاة في هذه المسألة قولان؛ أحدهما: أن تتعدَّى فيه أيضًا إلى مفعولٍ واحدٍ، والجملة الواقعة بعد المنصوب صفةٌ إن كان قبلها نكرةً، وحالٌ إن كان معرفةً، والثَّاني‼: قول الفارسيِّ وجماعةٍ: تتعدَّى لاثنين؛ الجملة في محلِّ(3) الثَّاني منهما، فعلى قول الجمهور: يكون {يُنَادِي}(4) في محلِّ نصبٍ؛ لأنَّه صفةٌ لمنصوبٍ قبله، وعلى قول الفارسيِّ: يكون في محلِّ نصب(5) مفعولٍ ثانٍ، وقال(6) الزَّمخشريُّ: تقول: سمعت رجلًا يقول كذا، وسمعت زيدًا(7) يتكلَّم، فتُوقِعْ(8) الفعل على الرَّجل وتحذف المسموع؛ لأنَّك وَصَفْتَه بما يُسمَع، أو جعلته حالًا منه(9) فأغناك عن ذكره، ولولا الوصف أو الحال؛ لم يكن منه بدٌّ، وأن يقال: سمعت كلام فلانٍ(10) أو قوله، وذِكْرُ المنادي مع قوله: ({يُنَادِي}) تفخيمٌ لشأن المنادي(11)، ولأنَّه إذا أُطلِق؛ ذهب الوهم إلى منادٍ للحرب أو لإغاثة المكروب وغيرهما، واللَّام في ({لِلإِيمَانِ}[آل عمران:193]) بمعنى «إلى» أو بمعنى «الباء»، ومفعول {يُنَادِي} محذوفٌ، أي: النَّاس، ويجوز ألَّا يُزَاد مفعولٌ، نحو: {أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44] (الآيَةَ) نُصِب بفعلٍ مقدَّرٍ مناسبٍ.


[1] «هذا»: ليس في (د).
[2] زيد في (د): {يُنَادِي}.
[3] في (د): «نحو» ولعلَّه تحريفٌ.
[4] في (د): «منادي»: ولعلَّه تحريفٌ.
[5] قوله: «لأنَّه صفةٌ لمنصوبٍ قبله، وعلى قول الفارسيِّ: يكون في محلِّ نصب»، سقط من (د).
[6] في (د): «وقول».
[7] في (ص): «رجلًا».
[8] في (د) و(ص): «فوقع».
[9] في (د): «عنه».
[10] في (د): «بلالٍ».
[11] في (د): «تفخيم الشَّأن والمنادي».