إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن أبي مليكة: استأذن ابن عباس قبل موتها على عائشة

          4753- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) العنزيُّ الزَّمِن قال: (حَدَّثَنَا يَحْيَى) بنُ سعيد القطَّان (عَنْ عُمَرَ‼ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ) بضمِّ عين «عُمر» وكسر عين «سعِيد» وضمِّ حاء «حسين» مُصغَّرًا، القرشيِّ النوفليِّ المكِّيِّ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (ابْنُ أَبِي / مُلَيْكَةَ) عبد الله (قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا) ولأبي ذرٍّ: ”قبيل موتها“ بضمِّ القاف مصغَّرًا (عَلَى عَائِشَةَ وَهْيَ مَغْلُوبَةٌ) من كرب الموت (قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ) لأنَّ الثناء يُورِثُ العُجْبَ (فَقِيلَ): هو (ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلعم ، وَمِنْ وُجُوهِ المُسْلِمِينَ) والقائلُ لها ذلك هو ابنُ أخيها عبد الله بن عبد الرحمن، والذي استأذن لابن عبَّاس عليها ذكوانُ مولاها، كما عند أحمَد في روايته (قَالَتِ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَالَ) ابنُ عبَّاسٍ لها(1) بعد أن أُذِنَ له في الدخول ودخل: (كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟) أي: كيف تجدين نفسَك؟ فالفاعلُ والمفعولُ ضميران لواحدٍ، وهو مِن خصائص أفعال القلوب (قَالَتْ) عائشةُ: أجدُني (بِخَيْرٍ إن اتَّقَيْتُ اللهَ) أي: إن كنت من أهل التقوى، وسقطت الجلالة من «اليونينية» و«آل ملك»(2) وغيرهما، وثبتت في الفرع(3)، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْميهَنيِّ: ”إن أُبْقِيتَ“ بضمِّ الهمزة وسكون الموحَّدة وكسر القاف وسكون التَّحتيَّة وفتح الفوقيَّة؛ من البقاء (قَالَ) ابنُ عبَّاس: (فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ صلعم ، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ) عن قصَّة الإفك (مِنَ السَّمَاءِ) وفي رواية ذَكوانَ المذكورة: ”وأنزل الله براءَتك مِن فوق سبع سموات، جاء به الروح الأمين، فليس في الأرض مسجدٌ إلَّا وهو(4) يُتلى فيه آناءَ الليل وأطرافَ النهار“ (وَدَخَلَ) عليها (ابْنُ الزُّبَيْرِ) عبدُ الله (خِلَافَهُ) بعد أن خرجَ ابنُ عبَّاس، فتخالفا في الدخول والخروج ذهابًا وإيابًا، وافق خروج(5) ابن عبَّاس مجيءَ ابن الزبير (فَقَالَتْ) له عائشة: (دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا) أي: لم أكن شيئًا. وهذا على طريق أهل الورع في شِدَّة خوفهم على أنفسهم.
          وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) الزَّمِنُ قال: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ) بفتح الميم وكسر الجيم، الثقفيُّ قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ) بالنون(6) عبدُ الله (عَنِ القَاسِمِ) بنِ محمَّد ابن أبي بكرٍ الصِّدِّيق: (أنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ☺ اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ... نَحْوَهُ) أي: ذكر نحوَ الحديث المذكور (وَلَمْ يَذْكُرْ) فيه (نِسْيًا مَنْسِيًّا).
          ومطابقة الحديث للترجمة في قوله(7): «ونزل عُذرُك من السماء».


[1] «لها»: ليس في (د).
[2] نسخة من الصحيح عاد إليها القسطلَّاني في أكثر من موضع لعلها تعود للأمير سيف الدين الحاج آل ملك (ت:747هـ)، والله تعالى أعلم.
[3] قوله: «وسقطت الجلالة من اليونينية وآل ملك وغيرهما، وثبتت في الفرع»، سقط من (د).
[4] «وهو»: ليس في (م).
[5] في غير (د) و(م): «رجوع».
[6] «بالنون»: ليس في (د).
[7] «في قوله»: ليس في (د).