إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة}

          ░7▒ هذا(1) (بابٌ) «بالتنوين في»(2) (قَوْلُهُ) تعالى: ({وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ}) «لولا» هذه لامتناع الشيء لوجود غيره، أي: لولا فضل الله عليكم أيُّها الخائضون في شأن عائشة ({وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا}) بأنواع النِّعم التي مِن جملتها قَبولُ توبتِكُم وإنابتِكُم إليه ({وَالْآخِرَةِ}) بالعفو والمغفرة ({لَمَسَّكُمْ}) عاجلًا ({فِي مَا أَفَضْتُمْ}) أي: خُضْتُم ({فِيهِ}) من قضية(3) الإفك ({عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:14]).
          قال ابن عبَّاس: المراد بالعذاب العظيم / الذي لا انقطاع له؛ يعني: في الآخرة؛ لأنَّه ذكر عذاب الدنيا مِن قبلُ فقال: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:11] وقد أصابه، فإنَّه جُلِدَ وحُدَّ، وسقط قوله: «{عَذَابٌ عَظِيمٌ}» لأبي ذرٍّ، وقال بعد قوله: {أَفَضْتُمْ فِيهِ}: ”الآيةَ“.
          (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفِريابيُّ من طريقه في قوله تعالى: { إِذْ} ({تَلَقَّوْنَهُ}[النور:15]) معناه: (يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ) وذلك أنَّ الرجل كان يلقى الرجل فيقول له: ما وراءك؟(4) فيحدِّثُه حديث(5) الإفك، حتى شاع واشتهر ولم يبق بيتٌ ولا نادٍ إلَّا طار فيه، فسعَوا في إشاعته، وذلك من العظائم، وأصل {تَلَقَّوْنَهُ}: تتلقَّونَه، فحُذفت إحدى التاءين كـ {تَنَزَّلُ}[القدر:4] ونحوه.
          ({تُفِيضُونَ}) في قوله تعالى في سورة يونس: { إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}[يونس:61] معناه: (تَقُولُونَ)(6) وهذا ذكره استطرادًا على عادته مناسبةً لقوله: {فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ}[النور:14] إذ كلٌّ منهما من الإفاضة.


[1] «هذا»: ليس في (د).
[2] قوله: «بالتنوين في»،زيادة في (د) و(م).
[3] في (م): «قصة».
[4] في (م): «دراك».
[5] في (د): «بحديث».
[6] في (د): «تقولونه».