إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم}

          ░5▒ هذا (بَابٌ) بالتَّنوين(1) (قَوْلُهُ) تعالى: ({ إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ}) في أمرِ عائشةَ ({عُصْبَةٌ}) جماعةٌ من العشرة إلى الأربعين ({مِّنكُمْ}) أيُّها المؤمنون؛ يريد: عبد الله بن أُبيٍّ، وكان مِن جملة مَن حكم له بالإيمان ظاهرًا، وزيد بن رفاعة، وحسَّان بن ثابت، ومِسطَح بن أُثَاثَةَ، وحَمْنَة بنت جَحْش، ومَن ساعدهم ({لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم}) الضميرُ للإفك، والخطابُ للرَّسول وأبي بكر وعائشة وصفوان لتأذِّيهم بذلك ({بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}) لما فيه مِن جزيل ثوابكم، وإظهار شرفكم، وبيان فضلكم من حيث نزلت فيكم ثماني عشرة آية في براءَتكم، وتهويل الوعيد للقاذفين ونسبتهم إلى الإفك ({لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم}) من أهل الإفك ({مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ}) أي: لكلٍّ منهم جزاءُ ما اكتسبَه مِنَ العقاب في الآخرة والمذمَّة في الدنيا بقدر ما خاض فيه مختصًّا به ({وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ}) معظمه بإشاعته ({مِنْهُمْ}) أي: مِنَ الخائضين / ({لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[النور:11]) في الآخرة أو في الدنيا بأنْ جُلِدوا، وصار ابن أُبيٍّ مطرودًا مشهورًا بالنفاق، وحسَّان أعمى أشل اليدين، ومِسطَح مكفوف البصر، وسقط لأبي ذرٍّ «{لَا تَحْسَبُوهُ}...» إلى آخره.
          (أَفَّاكٌ) قال أبو عبيدة أي: (كَذَّابٌ) وقيل: هو أبلغُ ما يكون مِنَ الكذب والافتراء، وسُمِّي إفكًا(2)؛ لكونه مصروفًا عنِ الحق، من قولهم: أفك الشيءَ؛ إذا قلبه عن وجهه.


[1] زيد في (د) و(م): «في».
[2] في (ب): «أفاكًا».