إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: لا ولكني كنت أشرب عسلًا عند زينب

          4912- وبه قال: (حَدَّثَنَا) ولأبي ذرٍّ: ”حدَّثني“ بالإفراد (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى) الفرَّاء الرَّازيُّ الصَّغير قال: (أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ) الصَّنعانيُّ، أبو عبدِ الرَّحمن القاضِي (عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ) عبدِ الملكِ بنِ عبدِ العزيز (عَنْ عَطَاءٍ) هو ابنُ أبي رَباح (عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ) بضم العين فيهما مصغرين(1) اللَّيثيِّ (عَنْ عَائِشَةَ ♦ ) أنَّها (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم يَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ) أمِّ المؤمنين (زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ) ولأبي ذرٍّ: ”بنت جَحش“ (وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَأْتُ(2)) بهمزة ساكنةٍ في الفَرْع. وقال العَينيُّ: هكذا في جميعِ النُّسخ _أي: بتركِ الهمزة_ وأصله: فواطأتُ _بالهمزة_ وقال في «المصابيح»: لامه همزة، إلَّا أنَّها أبدلت هنا ياء على غيرِ قياسٍ، ولأبي ذرٍّ: ”فتواطأتُ“ بزيادة فوقية قبل الواو مع الهمزة أيضًا، مصحَّحًا عليه في الفَرع، أي: توافَقت (أَنَا وَحَفْصَةُ) أمُّ المؤمنينَ بنت عمر (عَنْ) ولابنِ عساكرٍ والأَصيليِّ: ”على“ (أَيَّتُنَا) أي: أيِّ زوجة منَّا (دَخَلَ عَلَيْهَا) ╕ (فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟)‼ استفهام محذوف الأداة، ومَغَافير: بفتح الميم والمعجمة وبعد الألف فاء، جمع: مُغفور _بضم الميم_ وليس في كلامِهم مفعول بالضَّم إلَّا قليلًا / ، والمغفور: صمغٌ حلو له رائحةٌ كريهةٌ، ينضحُه شجر يسمَّى العُرْفُط _بعين مهملة وفاء مضمومتين بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة_ وزاد في «الطَّلاق» من طريقِ حجَّاج، عن ابنِ جُريج: فدخلَ على إحداهما فقالت له [خ¦5267]: (إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، قَالَ) ╕ : (لَا) ما أكلتُ مغافير، وكان يكرهُ الرَّائحة الكريهة(3) (وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلًا عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ) ولأبي ذرٍّ: ”بنت جحش“ (فَلَنْ(4) أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ) على عدمِ شربِه (لَا تُخْبِرِي بِذَلِكِ أَحَدًا) وقد اختُلفَ في الَّتي شرب عندَها العسل، ففي طريقِ عبيدِ بنِ عميرٍ السَّابقة [خ¦4912] أنَّه كان عندَ زينب. وعندَ المؤلِّف من طريقِ هشامِ بنِ عُروة، عن أبيهِ، عن عائشةَ في «الطَّلاق» [خ¦5268]: أنَّها حفصةُ بنتُ عمر، ولفظه: قالتْ: كان رسولُ الله صلعم يحبُّ العَسل والحلواء، وكان إذا انصرفَ من العصر دخلَ على نسائهِ فيدنو من إحداهنَّ، فدخل على حفصة بنت عمر فاحتَبس أكثرَ ما كان يحتبِس، فغرتُ، فسألت عن ذلك فقيل لي: أهدتْ لها امرأة من قومِها عكَّة عسلٍ، فسقتِ النَّبيَّ صلعم منها شَربة، فقلت: أما والله لنحتالنَّ له، فقلتُ لسودة بنت زَمعة: إنَّه سيدنو منكِ، فإذا دنا منك فقولي له: ما هذه الرِّيح الَّتي أجد منك؟... الحديث، وفيه: وقولي أنتِ يا صفيَّة ذاك، وعندَ ابنِ مَرْدويه من طريق ابنِ أبي مُليكة، عن ابنِ عبَّاس: أنَّ شربه كان عندَ سودة، وأنَّ عائشةَ وحفصةَ هما اللَّتان تظاهَرتا، على وفقِ ما في روايةِ عبيد بن عُمير، وإن اختلفَا في صاحبةِ العَسل، فيحمَل على التَّعدد، أو رواية ابنِ عُمير أثبَت لموافقةِ ابن عبَّاس لها(5) على أنَّ المتظاهرتَين حفصَة وعائشَة، فلو كانت حفصةُ صاحبة العَسل لم تقرنْ في المظاهرة بعائشةَ، وفي «كتابِ الهبة» [خ¦2581] عن عائشة: أنَّ نساء النَّبيِّ صلعم كنَّ حزبين: أنَا وسودَة وحَفْصة وصفيَّة في حزبٍ، وزينبُ بنت جَحش وأمُّ سلمة والباقيات في حزبٍ، وهذا يرجِّح أن زينبَ هي صاحبة العَسل، ولذا غارتْ عائشة منها لكونها من غيرِ حزبها.
          ويأتي مزيدُ بحثٍ لفوائدِ هذا الحديث إن شاء الله تعالى في «الطَّلاق» [خ¦5267] [خ¦5268] بعونِ الله.
          وحديثُ البابِ أخرجه المؤلِّف أيضًا في «الطَّلاق» [خ¦5267] و«الأيمان والنُّذور» [خ¦6691]، ومسلم في «الطَّلاق»، وأبو داود في «الأشربة»، والنَّسائيُّ في «الأيمان والنُّذور»‼، و«عشرةِ النِّساء»، و«الطَّلاق»، و«التَّفسير».


[1] في (د): «مصغرًا».
[2] في (د): «فواطيت».
[3] في (د): «الخبيثة».
[4] في (د): «ولن».
[5] في (د): «لا».