إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك}

          ░1▒ (باب) وهو ساقطٌ لغيرِ الكُشمِيهنيِّ ({يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ}) من شربِ العسلِ، أو ماريَة القبطيَّة. قال(1) ابنُ كثيرٍ: والصَّحيح أنَّه كان في تحريمهِ العَسل. وقال الخطَّابي: الأكثرُ على أنَّ الآية نزلت في تحريمِ ماريَة حين حرَّمها على نفسهِ، ورجَّحه في «فتح الباري» بأحاديث عند سعيدِ بن منصورٍ، والضِّياء في «المختارة»، والطَّبرانيِّ في «عشرة النِّساء»، وابن مَرْدويه والنَّسائي، ولفظهُ عن ثابتٍ، عن أنسٍ: أنَّ النَّبيَّ صلعم كانت لهُ أمةٌ يطؤهَا، فلم تَزل بهِ حفصةُ وعائشة ☻ حتَّى حرَّمها، فأنزلَ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} ({تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}) حال من فاعل {تُحَرِّمُ} أي: لم تحرِّم مبتغيًا بهِ مرضاةَ أزواجكَ؟ أو تفسير لـ {تُحَرِّمُ} أو مستأنفٌ فهو جوابٌ للسُّؤال، و{مَرْضَاتَ} اسم مصدرٍ؛ وهو الرِّضا ({وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[التحريم:1]) قال في «فتوح الغيب»: أردفهُ بقولهِ: {غَفُورٌ رَّحِيمٌ} جبرانًا له، ولولا‼ الإردافُ بهِ؛ لما قامَ بصولةِ ذلك الخطابِ، على أنَّه صلعم ما ارتكَب عظيمةً، بل كان ذلكَ من بابِ تركِ الأولى، والامتناعِ من المباح، وإنَّما شدَّد ذلك رفعًا لمحلِّه وربًا(2) لمنزلتهِ، ألا تَرى كيف صدَّرَ الخِطاب بذكِر النَّبيِّ صلعم ؟ وقرن بـ «يا» البَعيد و«ها» التَّنبيه، أي: تنبَّه لجلالةِ شأنكَ، فلا تبتغِ مرضاةَ أزواجِك فيما أُبيح لكَ، وسقط لأبي ذرٍّ «{تَبْتَغِي}...» إلى آخره، وقال بعد: {أَحَلَّ اللهُ لَكَ}: ”الآيةَ“.


[1] في (ص) و(م) و(د): «قاله».
[2] في (د): «وزينة».