نجاح القاري لصحيح البخاري

{لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم}

          ░8▒ (باب قَوْلِهِ) ╡، وقد سقط لفظ: <باب قوله> في رواية غير أبي ذرٍّ ({لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيْمَانِكُمْ}) قيل: واللَّغو في اليمين هو قولك بلا قصدٍ: لا والله، وبلى والله. وقيل: معنى اللَّغو: الإثم، والمعنى: لا يؤاخذكم الله بالإثم في الحلف إذا كفرتم.
          وقال ابن جُبير: هو الحلف على المعصية. وقال زيد بن أسلم: هو قول الرَّجل: أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا وكذا ونحوه. وقال ابن عبَّاس ☻ : هو أن يُحرِّم ما أحلَّ الله له فليس عليه كفَّارةٌ. وقال طاوس وإسماعيل القاضي: هو أن يحلفَ وهو غضبان، وعند الشَّافعي: هو سبق اللِّسان من غير قصدٍ.
          وقال أبو الوليد بن رشيد: ذهب مالك وأبو حنيفة إلى أنَّها اليمين على شيءٍ يظنُّ الرَّجل أنَّه على يقينٍ منه فيخرج الشَّيء على خلافِ ما حلف.
          وقال الشَّافعي أيضًا: لغو اليمين ما لم تنعقد النِّية عليه مثل ما جرت به العادة من قول الرَّجل عند المخاطبة: لا والله، وبلى والله / من غير أن يعتقدَ لزومه انتهى.
          يُقال: لغا في القول يلغو لغوًا: تكلَّم، ولغى يلغى لغوًا ولغًا ولغاة: أخطأ، وكلمةٌ لاغيةٌ: فاحشة.
          وقال الجوهري: لغا يلغو لغوًا؛ أي: قال باطلًا، واللَّغي(1) : الصَّوت مثل الوغا، ويُقال أيضًا: لغي به يلغى لغَا؛ أي: لهج به، واللُّغة أصلها لُغَي أو لُغَو، والهاء عوض وجمعها لُغَى ولغات.
          وفي «تفسير ابن الجوزي»: لمَّا نزلت: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة:87] قالوا: يا رسول الله، كيف نصنعُ بأيماننا؟ يعني: حلفهم على ما اتَّفقوا عليه، فنزلت: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ} [المائدة:89] الآية.
          قال الثَّعلبي: قال ابن عبَّاس ☻ : اتِّفاقهم كان على الصَّوم نهارًا والقيام ليلًا.
          وقال مقاتل: كانوا عشرة حلفوا على ذلك: أبو بكر وعمر وعلي والمقداد وعثمان بن مظعون وأبو ذر وسلمان وابن مسعود وعمَّار وحذيفة ♥ ، وزاد بعضهم: سالمًا مولى أبي حذيفة وقدامة. وزاد أبو أحمد إسحاق بن إبراهيم عبد الله بن عَمرو بن العاص ♥ .


[1] كذا في العمدة، وفي كتب اللغة كالصحاح وغيره (اللّغا).