نجاح القاري لصحيح البخاري

كتاب مناقب الأنصار

          ░░63▒▒ (بابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ) والأنصار جمع: نصير، مثل: أشراف وشريف، والنَّصير: الناصر، والأنصار: اسمٌ إسلامي سَمَّى به النَّبيُّ صلعم الأوسَ والخزرج وحلفاءهم، كما في حديث أنس ☺ [خ¦3776]، والأوس ينتسبون إلى أوس بن حارثة، والخزرج ينتسبون إلى الخزرج بن حارثة، وهما ابنا قَيْلة بنت الأرقم بن عَمرو بن جفنة، وقيل: قَيْلة بنت كاهل بن عَذرة بن سعد بن قضاعة، وأبوهما: حارثة بن ثعلبة من اليمن، كذا قال العيني.
          وقال الحافظُ العسقلاني: حارثة بن عَمرو بن عامر الذي يجتمعُ إليه أنساب الأزد، وفي بعض النُّسخ وقع هاهنا: <{وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا} [الأنفال:72] > أي: رسول الله صلعم .
          (وَقَولِ اللَّهِ ╡) بالجرِّ عطفاً على قوله: «مناقبِ الأنصار»؛ لأنَّه مجرورٌ بإضافة الباب إليه، وفي النُّسخ التي لم يُذكر فيها لفظ: «باب» يكون مرفوعاً؛ لأنَّه يكون أيضاً عطفاً على لفظ: «المناقب»، فإنَّه حينئذٍ مرفوعٌ على أنَّه خبر مبتدأ محذوفٍ / تقديره: هذا مناقبُ الأنصار وقولُ الله ╡.
          {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا} [الحشر:9] أي: اتَّخذوا ولزموا، والتَّبوء في الأصل التَّمكُّن والاستقرار {الدَّارَ} أي: دار الهجرة نزلها الأنصار قبل المهاجرين، وابتنوا المساجد قبل قدومِ النَّبي صلعم بسنتين فأحسنَ الله عليهم الثَّناء.
          {وَالإِيمَانَ} فيه إضمارٌ؛ أي: وآثروا الإيمان، وهذا من قبيلِ قوله: علفتُها تبناً وماءً بارداً، وزعمَ محمد بن الحسن بن زبالة أنَّ الإيمان اسم من أسماء المدينة، واحتجَّ بالآية، ولا حجَّة له فيها؛ لأنَّ الإيمان ليس بمكان {مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: من قبل المهاجرين {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ} من المسلمين حتى بلغَ من محبَّتهم لهم أن نزلوا لهم عن نسائهم وشاطروهُم أموالهم ومَساكنهم {وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً} أي: حسداً وغيظاً {مِمَّا أُوتُوا} [الحشر:9] أي: المهاجرون، وقد مرَّ شيء من ذلك في أوائل «مناقب عثمان ☺» [خ¦3700]، ووقع في بعض النُّسخ: <{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} إلى قوله: {مِمَّا أُوتُوا}>.