نجاح القاري لصحيح البخاري

كتاب الديات

          ░░87▒▒ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، كِتَابُ الدِّيَاتِ) بتخفيف التحتانية، جمع: دِية، مثل: عِدَات وعِدَة، أصلُها: وَدَى، من وَدَيْتُ القتيل أَدِيْه دِيَةً: إذا أعطيتَ دِيَتَه، واتَّدَيْتُ؛ أي: أخذتَ دِيَتَه، فحُذِفَتِ الواو منه، وعُوِّضً عنها الهاء، وإذا أردت الأمر منه تقول: دِ، بكسر الدال، أصله: أَوَدَ، فحُذِفَتِ الواوُ منه تبعًا لفعله، فصار دِ على وزن عِ، فتقول: دِ، دِيًا، دوا، دي، ديًا، دِيْنَ، ويجوز إدخال هاء السَّكت في الأمر للواحد فيقال: دِه، كما يقال: قِه، في قِ الَّذي هو أمرٌ من وَقَى يَقِي.
          وفي «المغرب»: الدِّية مصدر ودى القتيل إذا أعطى وليَّه ديته، وأصلُ التَّركيب على معنى الجري والخروج. ومنه: الوادي؛ لأنَّ الماءَ يدي فيه؛ أي: يجري فيه، والمراد هنا: المال الواجب بالجناية على الحرِّ في نفسٍ أو في ما دونها. فإن قيل: ترجم غيرُ البخاريِّ كتابَ القصاص وأدخل تحته الدِّيات والبخاريُّ بالعكس.
          فالجواب: أنَّ ترجمتَه أعمُّ من ترجمةِ غيرِه؛ لأنَّ ما يجبُ فيه القصاص يجوزُ العفوُ عنه على مالٍ فتكون الدِّية أشمل، وغير البخاري بنى على أنَّ القصاصَ هو الأصلُ في العَمْدِ.