نجاح القاري لصحيح البخاري

كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

          ░░96▒▒ (1) (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ، كِتَابُ الاعْتِصَامِ) هو افتعالٌ من العصمة، وهي المَنَعةُ، والعاصم: المانِع، والاعتصام: الاستمساك بالشَّيء، فالمعنى هنا: الاستمساك (بِالْكِتابِ) أي: القرآن (والسُّنَّةِ) وهي ما جاء عن النَّبيِّ صلعم من أقواله وأفعاله وتقريره، وما همَّ بفعله.
          وهذه التَّرجمة مقتبسةٌ من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} [آل عمران:103].
          والحبل في الأصل: هو السَّبب، وكلُّ ما وصَّلك إلى شيءٍ فهو حبلٌ، وأصله في الأجرام، واستعماله في المعاني على الاستعارة المصرَّحة، والجامع كونها سبباً للمقصود. والمراد بالحبل هنا: الكتاب والسُّنة؛ لكونهما سبباً للمقصود الَّذي هو الثَّواب والنَّجاة من العذاب، كما أنَّ الحبل سببٌ للمقصود من السَّقي ونحوه. ويجوز أن يكون من باب التَّمثيل، ومن كلام الأنصار ♥ : «إنَّ بيننا وبين القوم حبالاً ونحن قاطعوها»، يعنون: العُهود والحلف.
          والمراد بالحبل هنا: القرآن؛ لقوله صلعم في الحديث الطَّويل: ((هو حبلُ الله المتين)).
          والسُّنة في أصل اللُّغة: الطَّريقة، وفي اصطلاح الأصوليين والمحدِّثين: ما تقدَّم، وفي اصطلاح بعض الفقهاء: ما يُرادف المستحب. قال ابن بطَّالٍ: لا عصمة لأحدٍ إلَّا في كتاب الله، أو سنَّة رسوله، أو في إجماع العلماء.


[1] في هامش الأصل: قد بدئ في هذه القطعة الأخيرة التي هي تمام الثلاثين يوم الإثنين الرابع والعشرين من أيام شهر شوال المنتظم في سلك شهور السنة الثانية والستين بعد المائة والألف يسر الله إتمامها، ووفقني له وجعلها وتمام الكتاب ذخراً لنا يوم الحساب بحرمة نبيه صلعم وبحرمة آله وأصحابه أجمعين رضوان الله عليهم أجمعين.