نجاح القاري لصحيح البخاري

كتاب جزاء الصيد

          ░░28▒▒ (╖) كذا ثبتت البسملة في رواية أبي ذرٍّ، وسقطت في غيرها (بابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ) إذا باشر المحرم قتله (وَنَحْوِهِ) كتنفير صيد الحرم وعَضدِ شَجَرِه وغير ذلك مما يبيِّنه باباً باباً (وقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}) وفي رواية غير أبي ذرٍّ: <باب قول الله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:95] > أي: مُحْرِمون جمع: حرام، كرُدُح في جمع: رَدَاح، يقال: رجلٌ حرام وامرأةٌ حرام، ولعلَّه ذَكَرَ القتلَ دون الذَّبح والزَّكاة للتَّعميم، وأراد بالصَّيد ما يُؤكل لحمُه؛ لأنَّه الغالب فيه عرفاً.
          ويؤيِّده قوله صلعم : ((خمسٌ يقتلن في الحلِّ والحرام: الحدأة، والغراب، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور))، وفي رواية أخرى: ((الحيَّة)) بدل العقرب مع ما فيه من التَّنبيه على جواز قتل كلِّ مؤذٍ.
          واختلف في أنَّ هذا النَّهي هل يُلغي حكم الذَّبائح فيلحق مذبوح المحرم بالميِّتة ومذبوح الوثني أولاً، فيكون كالشَّاة المغصوبة إذا ذبحها الغاصب.
          ({وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً} [المائدة:95]) حال أي: ذاكراً لإحرامه عالماً بأنَّه حرام عليه. وإنْ قَتَلَه وهو ناسٍ لإحرامه أو رَمَى صَيداً وهو يظنُّ أنَّه ليس بصيدٍ فإذا هو صيد، أو قَصَدَ برميه غير صيدٍ فعدل السَّهم عن رميته فأصاب صيداً فهو مخطئ.
          فإن قلت: محظورات الإحرام يستوي فيه العمد والخطأ فما بال التعمُّد مشروطاً في الآية؟
          فالجواب: أنَّ مورد الآية فيمن تعمَّد، فقد روى أنَّه عَنَّ لهم في عمرة الحديبية حمار وحش، فحمل عليه أبو اليسر عمرو بن مالك الأنصاري فطعنه برمحه فقتله فقيل له: إنَّك قتلت الصَّيد وأنت مُحْرِمٌ فنزلت، ولأنَّ الأصل فعل المتعمِّد، والخطأ ملحقٌ به للتَّغليظ، ويدلُّ عليه ليذوق وبال أمره، ومن عاد / فينتقم الله منه. ولأنَّ قتل الصَّيد إتلافٌ، والإتلافُ مضمونٌ في العَمْد والنِّسيان، لكنَّ المتعمِّد ملمومٌ، والمخطئُ غير ملومٍ؛ فباعتبار اللَّوم قَيَّدَ بالتعمُّد.
          وعن الزُّهري: نزل الكتاب بالعَمْد، ووردت السنَّة بالخطأ، وعن سعيد بن جبير: لا أرى في الخطأ شيئاً؛ أخذاً باشتراط العَمْد في الآية، وعن الحسن روايتان.
          ({فَجَزَاءُ مِثْلِ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة:95]) برفع جزاء من غير تنوين، وجر مثل على إضافة المصدر إلى المفعول، أو إقحام مثل كما في قولهم: مثلي لا يقول كذلك، وأصله فجزاء مثل ما قتل بنصب مثل بمعنى فعليه أن يجزئ مثل ما قتل، ثمَّ أضيف كما تقول: عجبت من ضرب زيداً، ثمَّ من ضرب زيد. وهذه قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وأبي جعفر من العشرة. وقرأ السُّلمي على الأصل، وقرأ محمَّد بن مقاتل: (▬فجزاءً مِثْلَ ما قتل↨) بنصبهما بمعنى: فليجز جزاء مثل ما قتل. وقرأ الكوفيُّون ويعقوب من العشرة ({فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ} [المائدة:95]). برفعهما وتنوين جزاء تقديره: فعليه أو فواجبه جزاء يماثل ما قتل من الصَّيد، فمثل بالرَّفع صفة لجزاء.
          وحكى ابن جرير عن ابن مسعود ☺: أنَّه قرأ: ▬فجزاؤهُ مثلُ ما قتل↨ ({مِنَ النَّعَمِ}) وهي الإبل والبقر والغنم. وقرأ الحسن: ▬من النَّعْم↨ بسكون العين استثقل الحركة على حرف الحلق فسكنه.
          قال الفرَّاء: وهو مذكَّر لا يؤنَّث، وهذه المماثلة باعتبار الخلقة والهيئة عند مالك والشَّافعي، وباعتبار القيمة عند أبي حنيفة قال: يُقَوَّمُ الصَّيدُ حيث صيد، فإن بلغت قيمتُه ثمنَ هدي يخيَّر بين أن يهدي ما قيمتُه قيمةَ الصَّيد، وبين أن يشتري بقيمته طعاماً فيُعطي كُلَّ مسكينٍ نصفَ صاعٍ من برٍّ أو صاعاً من غيره، وبين أن يصوم عن طعام كلِّ مسكين يوماً، فإن فضل ما لا يبلغ طعام مسكين صام عنه يوماً أو تصدَّق به، وإن لم يَبْلغْ فكذلك يعني يخيَّر بين الإطعام والصَّوم.
          فإن قيل: فما يصنع من يفسِّر المثل بالقيمة بقوله: من النعم، وهو تفسيرٌ للمثل، وبقوله: هدياً بالغ الكعبة.
          فالجواب: أنَّه قد خيَّر من أوجب القيمة بين أن يشتري بها هَدْياً أو طعاماً أو يصوم، كما خيَّر الله تعالى في الآية فكان قوله: {مِنَ النَّعَمِ}، بياناً للهدي المُشْتَرَى بالقيمة في أحد وجوه التَّخيير؛ لأنَّ من قَوَّمَ الصَّيدَ واشترى بالقيمة هَدْياً فأهداه فقد جزى بمثل ما قتل من النِّعم، على أنَّ التَّخيير الذي في الآية بين أن يَجْزي بالهدي أو يكفِّر بالإطعام أو الصَّوم، إنَّما يستقيم استقامة ظاهرة بغير تعسُّف إذا قَوَّم ونَظَر بعد التقويم / أيَّ الثَّلاثةِ يختار، فأمَّا إذا عَمَدَ إلى النَّظير وجعله الواجبَ وحْدَه مِنْ غَيرِ تَخيير، فإذا كان شيئاً لا نظير له قوِّم حينئذٍ، ويخيَّر بين الإطعام والصَّوم ففيه نُبُوٌّ عمَّا في الآية، ألا ترى إلى قوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أو عَدْل ذَلِكَ صِيَاماً } [المائدة:95] كيف خُيِّر بين الأشياء الثَّلاثة، ولا سبيل إلى ذلك إلَّا بالتَّقويم.
          ({يَحْكُمُ بِهِ}) أي: بمثل ما قتل من الجزاء ({ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}) أي: حكمان عادلان من المسلمين، وذوا تثنية ذو بمعنى: صاحب، قالوا: وفيه دليلٌ على أنَّ المثل القيمة؛ لأنَّ التَّقويم ممَّا يحتاج إلى النَّظر والاجتهاد دون الأشياء المشاهدة.
          ومن حمل المماثلة على المماثلة باعتبار الخلقة والهيئة قال: إنَّ الأنواع تتشابه فيحتاج إلى النَّظر؛ ففي النَّعامة بدنة، وفي حمار الوحش بقرة، وفي الظَّبي شاة.
          وعن قبيصة: أنَّه أصاب ظبياً وهو محرم، فسأل عمر ☺، فشاور عبد الرَّحمن بن عوف، ثمَّ أمره بذبح شاة، فقال قبيصة لصاحبه: والله ما علم أمير المؤمنين حتَّى سأل غيره، وأقبل عليه ضرباً بالدرَّة وقال: أَتَغْمِضُ الفتيا وتقتل الصَّيد وأنت مُحْرِم، قال الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة:95] فأنا عمر وهذا عبد الرَّحمن.
          وقرأ محمَّد بن جعفر: ((ذو عدل منكم)) أراد: يحكمُ به مَنْ يَعدلُ منكم ولم يُرِد الوحدة، وقيل: أراد الإمام.
          ({هَدْياً}) حال من ضمير (به) أو من جزاء فيمن وَصَفَه بمثل؛ لأنَّ الصِّفة خصَّصته فقرَّبته من المعرفة، أو بدل عن مثل فيمن نَصَبَه، أو عن مَحَلِّه فيمن جَرَّه، والهَدي: ما يُهدى إلى الحرم من النَّعم، وقوله ({بَالِغَ الْكَعْبَةِ}) صفة لهدياً؛ لأنَّ إضافته غير حقيقيَّة، ومعنى بلوغه الكعبة أن يذبحَ بالحرم، فأمَّا التصدُّق به فحيث شئتَ عند أبي حنيفة، وعند الشَّافعي في الحرم أيضاً ({أَوْ كَفَّارَةٌ}) عطف على فجزاء؛ أي: فعليه أو الواجب جزاء أو كفَّارة، فإن قلت: بم يرفع كفَّارة من ينصب جزاء.
          فالجواب: أنَّه يجعلها خبر مبتدأ محذوفٍ أو مبتدأ محذوف الخبر، كما قدِّر آنفاً فيعطف الجملة على الجملة أو يقدر: فعليه أن يَجْزِي جزاءً أو كفَّارةٌ، فيعطفها على أن يَجْزِي.
          وقوله: ({طَعَامُ مَسَاكِينَ}) رفع على أنَّه بدل من كفَّارة، أو عطف بيان، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره هي طعام مساكين. وقرأ نافع وابن عمر وأبو جعفر من العشرة بإضافة كفَّارة إلى طعام مساكين، / فإنَّ الكفَّارة لمَّا تنوَّعت إلى تكفيرٍ بالطَّعام وتكفيرٍ بالجزاء المماثل، وتكفيرٍ بالصِّيام، حسنُ إضافتها إلى أحدِ أنواعها تبييناً لذلك كقولك: خاتم فضَّة على أنَّ الإضافة قد تكون لأدنى ملابسة.
          وقرأ الأعرج في الشَّواذ: (▬أو كفَّارة طعام مِسْكين↨) وإنَّما وحَّد مع أنَّه لا يُطْعَم في قتل الصَّيد مسكينٌ واحدٌ، بل جماعةُ مساكين؛ لأنَّه واقعٌ موقع التَّبيين، فاكتفى بالواحد الدَّال على الجنس.
          ({أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ}) عطفٌ على ما قبله، وقرئ في الشواذ: (▬أو عِدل ذلك↨) بكسر العين، والفرق بينهما: أنَّ عَدل الشَّيء بالفتح: ما عادله من غير جنسه كالصَّوم والإطعام، وعِدْلَه _بالكسر_ ما عُدِل به في المقدار. ومنه عِدْل الحِمْل؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما عُدِلَ بالآخر حتَّى اعتدلا، كأنَّ المفتوح تسمية بالمصدر والمكسور بمعنى المفعول به كالذَّبح ونحوه كالحَمْل والحِمْل، وقوله: {ذَلِكَ} إشارةٌ إلى الطَّعام.
          وقوله: ({صِيَاماً}) تمييزٌ للعدل، كقولك: لي مثلهُ رَجُلاً، فيصوم عن طعام كلِّ مسكين يوماً، والخيار في ذلك إلى قاتل الصَّيد عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمَّد إلى الحَكَمَين، وقوله: ({لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ}) متعلِّقٌ بقوله: {فَجَزَاءٌ}؛ أي: فعليه أن يجازي أو يكفِّر أو يصوم ليذوق سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام.
          أو المعنى: أوجبنا ذلك، والوبال: المكروه والضَّرر الذي ينال في العاقبة من عمل سوءٍ لِثِقَلِه عليه من قوله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} [المزمل:16] أي: ثقيلاً، والطَّعام الوبيل: الَّذي يثقل على المعدة فلا يُسْتَمرأ ({عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ} [المائدة:95]) أي: عمَّا سلف لكم من الصَّيد في حال الإحرام قبل أن تراجعوا رسول الله صلعم وتسألوه عن جوازه، وقيل: عفا الله عمَّا سلف في الجاهليَّة منه لمن أحسن في الإسلام، واتَّبع شرع الله ولم يرتكب المعصية، قيل: كانوا متعبَّدين بشرائع من قَبْلَهم، وكان الصَّيدُ فيها مُحَرَّماً.
          ({وَمَنْ عَادَ}) إلى قتل الصَّيد وهو مُحْرِمٌ بعد نزول النَّهي عنه ({فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}) قوله: {يَنْتَقِمُ} خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو ينتقم الله منه في الآخرة، ولذلك دخلت الفاء، ونحوه قوله تعالى: {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْساً} [الجن:13]. /
          وقال ابن جريج: قلت لعطاء: ما عفا الله عمَّا سلف؟ قال: عمَّا كان في الجاهليَّة، قال قلت: ومن عاد فينتقم الله منه؟ قال: ومن عاد في الإسلام فينتقم الله منه، وعليه مع ذلك الكفَّارة، فإن قلت: فهو للعود من حدٍّ نعلمه؟ قال: لا، قلت: ترى حقًّا على الإمام أن يعاقبه؟ قال: لا هو ذنب أذنبه فيما بينه وبين الله ╡، ولكن يفتدي، رواه ابن جرير.
          وقيل: معناه فينتقم الله منه بالكفَّارة، قاله سعيد بن جبير وعطاء وإبراهيم والحسن، فافهم. قالوا: بوجوبها على العائد، وعليه عامَّة العلماء.
          وعن ابن عبَّاس ☻ وشريح: أنَّه لا كفَّارة عليه؛ تعلُّقاً بالظَّاهر؛ فإنَّه لم يَذْكُر الكفَّارة.
          ({وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [المائدة:95]) أي: ذو معاقبةٍ لمن عصاه وأصرَّ على معصيته ({أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ[المائدة:96]) مصيدات البحر ممَّا يؤكل وممَّا لا يؤكل ({وَطَعَامُهُ}) وما يطعم من صيده، والمعنى: أُحِلَّ لكم الانتفاعُ بجميع ما يُصاد في البحر، وأحلَّ لكم أكلُ المأكول وهو السَّمك وحده عند أبي حنيفة.
          وعند ابن أبي ليلى جميع ما يصاد فيه، على أنَّ تفسير الآية عنده: أُحِلَّ لكم صيد حيوان البحر وأن تطعموه. وعن ابن عبَّاس ☻ في رواية سعيد بن المسيَّب وسعيد بن جبير في قوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} يعني: ما يُصَادُ فيه طريّاً، وطعامه: ما يُتَزوَّد منه مَليحاً يابساً.
          وعن ابن عبَّاس ☻ في المشهور عنه: ((صيدُه: ما أخذ منه حيًّا، وطعامه: ما لفظه ميِّتاً)). وهكذا روي عن أبي بكر الصِّديق وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وأبي أيُّوب الأنصاري ♥ وعكرمة وأبي سلمة بن عبد الرَّحمن وإبراهيم النَّخعي والحسن البصري.
          وقال سفيان بن عيينة: عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن أبي بكر الصِّدِّيق ☺ أنَّه قال: ((طعامُه: كل ما فيه))، رواه ابن أبي جرير وابن أبي حاتم.
          وقال سعيد بن المسيَّب: طعامُه: ما لفظه حياً أو حسر عنه فمات، رواه ابن أبي حاتم.
          وقال ابن جرير: وقد ورد في ذلك خبر، وبعضهم يرويه موقوفاً: حدَّثنا هنَّاد بن السري / قال: حدَّثنا عبدة بن سليمان، عن محمَّد بن عمرو: حدَّثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة ☺ قال: قال رسول الله صلعم : ((أحلَّ لكم صيد البحر وطعامه متاعاً لكم، طعامه: ما لفظه ميِّتاً))، ثمَّ قال: وقد وقفه بعضهم على أبي هريرة ☺.
          ({مَتَاعاً لَكُمْ}) مفعول له؛ أي: أُحِلَّ لكم تَمْتِيْعاً لكم تأكلونه طريًّا ({وَلِلسَّيَّارَةِ}) يتزوَّدونه قديداً، كما تزوَّد موسى ◙ الحوت في مسيره إلى الخضر.
          والسيَّارة هم المسافرون، وكان بنو مدلج ينزلون سِيْفَ البَحْر، فسألوه عمَّا نَضَبَ عنه الماء من السَّمك فنزلت.
          ({وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ}) ما صِيْدَ فيه وهو ما يفرخُ فيه، وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كطير الماء عند أبي حنيفة ({مَا دُمْتُمْ حُرُماً}) أي: محرمين؛ أي: يحرم عليكم الاصطياد في حال إحرامكم.
          وقرأ ابن عبَّاس ☻ : ((وحَرَّمَ عليكم صيدَ البر)) على بناء الفاعل ونصب الصَّيد؛ أي: حرَّم الله ╡ عليكم، وقرئ: ((ما دِمتم)) بكسر الدال من دام يَدام.
          ({وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [المائدة:96]) أي: تجمعون يوم القيامة فيُجَازيكم بحسب أعمالكم، وفي رواية أبي ذرٍّ: <{مِنَ النَّعَمِ} إلى قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}>.
          اعلم أنَّهم اختلفوا في صيد البر، فمنهم من حَرَّمَ على المُحْرِم كُلَّ شيءٍ يقع عليه اسم الصَّيد، وهو قول عمر وابن عبَّاس ♥ ، وعن أبي هريرة ☺ وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير: أنهم أجازوا للمُحْرِم أكلَ ما صاده الحلال، وإن صاده لأجله إذا لم يدلَّ ولم يُشِر، وكذلك ما ذبحه قبل إحرامه، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وعند مالك والشَّافعي وأحمد: لا يباح له ما صيد لأجله.
          فإن قيل: ما يصنع أبو حنيفة بعموم قوله: {صَيْدُ البَر}.
          فالجواب: أنَّه قد أخذ أبو حنيفة بالمفهوم من قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً} [المائدة:96] لأنَّ ظاهره أنَّه صيد المُحْرِمِيْن دون صَيْدِ غيرهم؛ لأنَّهم هم المخاطبون، فكأنَّه قيل: وحُرِّم عليكم ما صدتم في البرِّ، فيخرج منه مَصِيْدُ غيرهم ومصيدُهم حين كانوا غيرَ مُحرِمين. ويدلُّ عليه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة:95]. /
          واعلم أنَّه لم يذكر المؤلِّف ⌂ في رواية أبي ذرٍّ حديثاً في هذه التَّرجمة اكتفاء بالآية، أو إشارة إلى أنَّه لم يثبت على شرطه في جزاء الصَّيد حديثٌ مرفوع.
          تنبيهات: الأوَّل: أنَّه قد تقدَّم أنَّ محظورات الإحرام يستوي فيها العَمْد والخطأ في وُجُوبِ الجَزاء.
          قال ابن بطال: اتَّفق أئمَّة الفتوى من أهل الحجاز والعراق وغيرهم على أنَّ المُحْرِم إذا قتل الصَّيد عَمْداً أو خطأ فعليه الجزاء إلَّا ما روى ابن أبي حاتم بإسناده عن أيُّوب، قال: نبِّئت عن طاوس قال: لا نُحْكَمُ على من أصاب صيداً خطأ إنَّما يُحْكَم على من أصابه متعمِّداً، وهذا مذهبٌ غريب، وبه قال أهل الظَّاهر وأبو ثور وابن المنذر من الشَّافعية وأحمد في رواية، وتمسَّكوا بقوله تعالى: {مُتَعَمِّداً}، وقد عرفت جوابه فيما قبل.
          وقال مجاهد: المراد بالمتعمِّد هو القاصد إلى قتل الصَّيد النَّاسي لإحرامه، فأمَّا المتعمِّد لقتل الصَّيد مع ذِكْرِه لإحرامه فذاك أمرُه أعظم من أن يكفَّر وقد بَطَلَ إحرامُه، رواه ابن جرير عنه من طريق ابن أبي نَجِيح وليث بن أبي سليم وغيرِهما عنه.
          وحاصلُه: أنَّه يجب الجزاء في الخطأ دون العَمْد، فيختصُّ الجزاء بالخطأ والنقمة بالعَمْد، وروي ذلك عن الحسن أيضاً، وهذا قولٌ غريب أيضاً.
          قال الموفَّق في «المغني»: لا نعلم أحداً خالف في وجوب الجزاء على العامد غيرَهما، وقالا أيضاً في رواية عنهما: يجب الجزاء على العامد أوَّل مرَّة فإن عاد كان أعظم لإثمه، وعليه النقمة لا الجزاء. وقال الزُّهري: إن قَتَلَه مُتَعَمِّداً قيل له: هل قتلت قبله شيئاً من الصَّيد؟ فإن قال: نعم، لم يُحْكَم عليه، وقيل له: اذهب فينتقم الله منك، وإن قال: لم أقتل، حُكِمَ عليه، وإن قَتَلَ بعد ذلك لم يُحْكَم عليه، ويُمْلأ ظهرُه وبطنُه ضَرْباً وَجِيْعاً، وبذلك حَكَمَ النَّبي صلعم في صيد وجٍّ: وادٍ بالطَّائف، والَّذي عليه الجمهور من السَّلف والخلف ما تقدَّم، والله أعلم.
          الثَّاني: قال مالك والشَّافعي ومحمَّد بن الحسن: الواجب في الجزاء مثل الصَّيد المقتول من النَّعم إن كان له مِثْلٌ؛ ففي النَّعامة بَدَنة، وفي بقرة الوحش وحِمَارِه بقرة، وفي الغزال عنز، وفي الأرنب عَنَاق، وفي اليربوع جَفْرة.
          وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: الواجب القيامة يُقَوَّمُ حيث صِيْد، ثمَّ يُشْتَرى / بتلك القيمة هديٌ أو طعامٌ أو يُصَام لكلِّ طعام مسكين يوماً كما تقدَّم. ثمَّ إنَّهم اختلفوا في الكفَّارة فقال الأكثر: هو مخيَّر، كما هو ظاهر الآية.
          وقال الثَّوري: يقدم المِثْل فإن لم يجدْ أطعم، فإن لم يجد صام، وقال سعيد بن جبير: إنَّما الطَّعام والصِّيام فيما لا يبلغ ثمن الصَّيد.
          ثمَّ إنَّه إذا لم يجد المُحْرِمُ مِثْلَ ما قَتَلَ من النَّعم أو لم يكن الصَّيد المقتول من ذوات الأمثال، أو قلنا بالتَّخيير بين الجزاء والإطعام والصِّيام، كما هو قول مالك وأبي حنيفة وصاحبيه، وأحد قولي الشَّافعي، والمشهور عن أحمد لظاهر كلمة (أو)، والقول الآخر لهما أنَّها على التَّرتيب فيعدل إلى القيمة فيقَوَّمُ الصَّيد المقتول عند مالك وأبي حنيفة وأصحابه وحمَّاد وإبراهيم.
          وقال الشَّافعي: يُقَوَّمُ مِثْله من النَّعم لو كان موجوداً ثمَّ يُشْتَرى به طعامٌ، ويتصدَّق به فيتصدَّق لكلِّ مسكين مدًّا منه عند الشَّافعي ومالك وفقهاء الحجاز، واختاره ابن جرير. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يُطْعِم لكلِّ مسكينٍ مدَّين، وهو قول مجاهد.
          وقال أحمد: مدَّين من حنطة أو مدًّا من غيره، فإن لم يجد أو قلنا بالتَّخيير صام عن إطعام كلِّ مسكين يوماً، وبه قال ابن جرير. وقال آخرون: يصوم مكان كلِّ صاعٍ يوماً كما في جزاء المترفِّه بالحَلْق ونحوه.
          واختلفوا في مكان هذا الإطعام فقال الشَّافعي: مَحِلُّه الحَرَم وهو قول عطاء، وقال مالك: يُطْعِمُ في المكان الذي أصابَ فيه الصَّيد أو أقرب الأماكن إليه، وقال أبو حنيفة: إن شاء أطْعَمَ في الحَرَم وإن شاء في غيره.
          الثَّالث: قال مالك والشَّافعي وأحمد ومحمَّد بن الحسن: والخيار في تعيين الهدي أو الإطعام أو الصَّوم إلى الحَكَمَين العَدْلَين، فإذا حَكَما بالهدي فالمعتبر فيما له مِثْلٌ ونظيرٌ من حيث الخلقة ما هو مثل، والمعتبر فيما لا مثل له القيمة لقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة:95].
          وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: الخيار للقاتل في أن يَشتري بها؛ يعني: بقيمة المقتول؛ لأنَّ الوجوب عليه كما في اليمين، وحكم الحكمين لتقدير القيمة، وإذا كان القاتل أحد الحَكَمين فعند الشَّافعي وأحمد يجوز، وعند مالك لا يجوز؛ لأنَّ الحاكم لا يكون محكوماً / عليه في صورة واحدة.
          قال ابن أبي حاتم: حَدَّثنا أبي: حدَّثنا أبو نُعَيم الفضلُ بن دكين: حدَّثنا جعفر، هو ابن برقان، عن ميمون بن مهران: أنَّ أعرابياً أتى أبا بكر ☺ قال: قتلت صيداً وأنا مُحْرِم فما ترى عليَّ من الجزاء؟ فقال أبو بكر ☺ لأبيِّ بن كعب ☺ وهو جالس عنده: ما ترى فيها؟ فقال الأعرابي: أتيتك وأنت خليفة رسول الله صلعم أسألك، فإذا أنت تسأل غيرك فقال أبو بكر: وما تنكر بقول الله تعالى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة:95]، فشاورت صاحبي حتَّى إذا اتفقنا على أمْرٍ أَمَرْناك به. وهذا إسنادٌ جيِّد، لكنَّه منقطعٌ بين ميمون وبين الصِّدِّيق.
          الرَّابع: استدلَّ العلماء على حِلِّ ميتة البحر بالآية المذكورة، وبحديث العَنْبر، على ما يجيء إن شاء الله تعالى، وقد احتجَّ بهذه الآية الكريمة مَن ذهب من الفقهاء إلى أنَّه يؤكل كل دواب البحر، ولم يَستثن من ذلك شيئاً. وقد تقدَّم عن الصِّدِّيق ☺ أنَّه قال: طعامُه كُلُّ ما فيه، وقد استثنى بعضُهم الضَّفادع وأباح ما سواها؟ لما رواه الإمام أحمد وأبو داود والنَّسائي من رواية ابن أبي ذئب، عن سعيد بن خالد، عن سعيد بن المسيَّب، عن عبد الرَّحمن بن عثمان التَّيمي: ((أنَّ رسول الله صلعم نهى عن قتل الضِّفدع)).
          وفي روايةٍ للنَّسائي عن عبد الله بن عمرو ☻ قال: ((نهى رسول الله صلعم عن قَتْل الضِّفدع نقيقُها تسبيح))، وقال آخرون: يُؤكل من صيد البحر السَّمك ولا يُؤكل الضِّفدع، واختلفوا فيما سواهما فقيل: يُؤكل سائر ذلك، وقيل: لا يؤكل، وهذه كلها وجوهٌ للشَّافعية.
          وقال أبو حنيفة: لا يؤكل ما مات في البحر كما لا يؤكل ما مات في البرِّ؛ لعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة:3].
          واستثنى منه الجراد لقوله صلعم : ((أُحِلَّت لنا ميتتان ودمان، فأمَّا الميتتان فالحوت والجراد، وأمَّا الدَّمان: فالكَبِدُ والطِّحال)).
          وقال التِّرمذي: باب ما جاء في صيد البحر / للمُحْرِم: حدَّثنا أبو كُرَيب قال: حدَّثنا وكيع، عن حمَّاد بن سلمة، عن أبي المُهَزِّمِ، عن أبي هريرة ☺ قال: خرجنا مع رسول الله صلعم في حجٍّ أو عُمْرة، فاستقبلنا رِجْلٌ من جَرَادٍ فجعلنا نضربه بأسياطنا وعصيِّنا فقال رسول الله صلعم : ((كلوه فإنَّه من صيد البحر))، قال: هذا حديثٌ غريب.
          وأبو المُهَزِّم، بضم الميم وفتح الهاء وكسر الزاي المشددة، اسمه: يزيد بن سفيان، وقد تكلَّم فيه شعبة.
          وقال التِّرمذي: وقد رخَّص قومٌ من أهل العلم للمُحْرم أن يصيد الجراد فيأكله، ورُوِيَ عن بعضهم: ((عليه صدقة إذا اصطاده أو أَكَلَه))، ورواه أبو داود وابن ماجه أيضاً.
          وقوله: (من صيد البحر) ظاهر في أنَّه من البحر، وللعلماء فيه ثلاثة أقوال: الأوَّل: أنَّه من صيد البحر، وهو قول كعب الأحبار، وقد روى مالك في «الموطَّأ»، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: أنَّ كعب الأحبار أمَّرَه عمر بن الخطَّاب ☺ على رَكْبً مُحْرِمِين، فمضَوا حتَّى إذا كانوا ببعض طريق مكَّة قرَّت رِجْلٌ من جَرادٍ فأفتاهم كعب أن يأخذوه فيأكلوه، فلَّما قدموا على عمر ☺ ذكروا له ذلك فقال له: ما حملك على أن أفتيتهم بهذا؟ قال: هو من صيد البحر قال: وما يدريك؟ قال: يا أمير المؤمنين، والَّذي نفسي بيده إنْ هو إلَّا نثرة حوت ينثره في كلِّ عامٍ مرَّتين.
          واختلف في قوله: (نثرة حوت)، فقيل: عطسته، وقيل: هو من تحريك النَّثرة، وهو طرف الأنف.
          قال الشَّيخ زين الدِّين العراقي: فعلى هذا، يكون بالمثلثة، وهو المشهور، وعليه اقتصر صاحب «المشارق» وغيره، وأنَّه من الرَّمي بعنف من قولهم في الاستنجاء: ينثر ذكره إذا استبرأ من البول بشدَّة وعنف، وأنَّ الجراد يطرحه من أنفه أو دبره بعنفٍ وشدَّة، وقيل: هو متولِّد من روث السَّمك.
          القول الثَّاني: أنَّه من صيد البرِّ يجب الجزاء بقتله، وهو قول عمر وابن عمر وابن عبَّاس ♥ وعطاء بن أبي رباح، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشَّافعي في قوله الصَّحيح المشهور.
          القول الثَّالث: أنَّه من صيد البرِّ والبَحْر، رواه سعيد بن منصور في «سننه»، عن هُشيم، / عن منصور، عن الحسن. واختلف القائلون بأنَّ الجراد من صيد البر وفيه الجزاء، في مقدارِ الجَزاء على أقوال:
          أحدها: في كلِّ جرادةٍ تمرة، وهو قول عمر وابن عمر ♥ ، رواه سعيد بن منصور في «سننه» بسنده إليهما، وبه قال أبو حنيفة، واختاره ابن العربي.
          الثَّاني: أنَّ في الجَرَادة الواحدة قبضة من طعام، وهو قول ابن عبَّاس ☻ ، رواه سعيد بن منصور أيضاً بسنده إليه، وبه قال مالك.
          الثَّالث: أنَّ في الواحدة دِرْهماً، وهو قول كعب الأحبار.
          الخامس: أنَّ صيد البر حرام على المُحْرم؛ لأنَّه في حقِّه كالميِّتة، وكذا في حقِّ غيره من المُحْرِمين والمُحِلِّين عند مالك والشَّافعي في قول، وهو قول عطاء والقاسم وسالم، وبه قال أبو يوسف ومحمَّد، فإن أكله أو شيئاً منه فهل يلزمه جزاء، فيه قولان للعلماء:
          أحدهما: نعم، وإليه ذهب طائفة، والثاني: لا جزاء عليه بأكله، نصَّ عليه مالك. وقال أبو عمر: وعلى هذا مذهب فقهاء الأمصار وجمهور العلماء. وقال أبو حنيفة: عليه قيمة ما أكل.
          وقال أبو ثور: إذا قتل المُحْرِمُ الصَّيد فعليه جزاؤه، وكذا حلالٌ أَكَلَ ذلك الصَّيدَ إلَّا إذا أكرهه الَّذي قَتَلَه. وإذا اصطاد حلالٌ صيداً فأهداه إلى مُحْرِمٍ، فقد ذهب جماعة إلى إباحته مطلقاً، ولم يُفَصِّلوا بين أن يكون قد صاده لأجله أم لا، حكى أبو عمر هذا القول عن عمر بن الخطَّاب وأبي هريرة والزُّبير بن العوَّام ♥ وعطاء في رواية، وسعيد بن جبير، وبه قال الكوفيُّون.
          قال ابن جرير: حدَّثنا محمَّد بن عبد الله: حدَّثنا بشر بن المفضل: حدَّثنا سعيد، عن قتادة: أنَّ سعيد بن المسيَّب حدَّثه عن أبي هريرة ☺ أنُّه سئل عن لحم صيد صاده حلال أيأكله المُحرم قال: فأفتاهم بأكله، ثمَّ لقي عمر بن الخطَّاب ☺ فأخبره بما كان من أمره فقال: لو أفتيتهم بغير هذا لأوجعت لك رأسك.
          وقال آخرون: لا يجوز أكل الصَّيد للمُحْرم بالكليَّة، ومنعوا من ذلك مطلقاً؛ لعموم الآية الكريمة.
          وقال عبد الرَّزَّاق، عن مَعْمر، عن ابن طاوس وعبد الكريم بن أبي أميَّة، عن طاوس، عن ابن عبَّاس ☻ : / أنَّه كَرِه أَكْلَ لحم الصَّيد للمُحْرم قال: وأخبرني مَعْمر، عن الزهريِّ، عن ابن عمر ☻ ((أنَّه كان يكره أن يأكل لحم الصَّيد على كلِّ حالٍ)). قال أبو عمر: وبه قال طاوس وجابر بن زيد، وإليه ذهب الثَّوري وإسحاق بن راهويه.
          وقد روي نحوه عن عليِّ بن أبي طالب ☺، وقال مالك والشَّافعي وأحمد وإسحاق في رواية الجمهور: وإن كان الحلال قد قصد المُحْرم بذلك الصَّيد لم يَجُز للمُحْرِم أكلُه؛ لحديث الصَّعب بن جثامة، على ما يأتي إن شاء الله تعالى. وإذا لم يقصده بالاصطياد يجوز له الأكل منه؛ لحديث أبي قتادة، على ما يأتي إن شاء الله تعالى أيضاً، والله أعلم.