نجاح القاري لصحيح البخاري

كتاب الشركة

          ░░47▒▒ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الشِّرْكَةِ) هكذا وقع في رواية النَّسفي وابن شَبُّويه، ووقع في رواية الأكثرين: <باب الشركة>، ووقع في رواية أبي ذرٍّ: <في الشركة> بدون لفظ: «كتاب»، ولا لفظ: «باب».
          والشِّرْكة _بكسر الشين وإسكان الراء، وبفتح الشين وكسر الراء وإسكانها_، وفيه لغة رابعة: شرك، بغير تاء التأنيث، قال الله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} [سبأ:22] ؛ أي: من نصيبٍ.
          وجمع الشركة: شِرَك _بفتح الراء وكسر الشين (1)_ يُقال: شَرِكته في الأمر أَشْرَكه شِرْكة، والاسم الشِّرْك؛ أي: النَّصيب، / قال صلعم : ((من أعتق شِرْكاً له))؛ أي: نصيباً، وشريك الرجل ومشاركه سواء.
          والشركة في اللغة: الاختلاط على الشُّيوع أو على المجاوزة، كما قال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي} [ص:24].
          وفي الشَّرع: ثبوتُ الحقِّ لاثنين فصاعداً في الشَّيء الواحد كيف كان، ثمَّ هي تارةً تحصل بالخلط، وتارةً بالشُّيوع الحكمي كالإرث.
          وقال أصحابنا: الشركة في الشَّرع عبارة عن العقد على الاشتراك واختلاط النَّصيبين، وهي على نوعين: شركة الملك وهي: أن يملك اثنان عيناً أو إرثاً أو شراء أو هبة أو ملكاً بالاستيلاء أو اختلط مالهما بغير صنعٍ، أو خلطاه خلطاً بحيث يعسر التَّمييز أو يتعذَّر فكلُّ هذا شركة تملُّك، وكلُّ واحدٍ منهما أجنبي في قسط صاحبه.
          والنَّوع الثاني: شركة العقد وهي: أن يقولَ أحدُهما شاركتك في كذا ويقبل الآخر، وهي على أربعة أنواع: مُفَاوضة، وعنان، وتقبُّل _ويُقال لها: شركة الصنائع أيضاً_، وشركة وجوه، وبيانها في الفُرُوع.


[1] في (خ): ((بفتح الشين وكسر الراء)).