نجاح القاري لصحيح البخاري

كتاب الصلاة

          (╖) وقد سقط هذا عند ابن عساكر.
          ░░8▒▒ (كِتَابُ الصَّلاةِ) إعرابه ظاهر، وأمَّا معنى الصلاة؛ فهي في اللُّغة الدُّعاء، قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة:103] أي: ادع لهم، وفي الحديث في إجابة الدعوة: ((وإنْ كانَ صائماً فليصلِّ)) أي: فليدعُ لهم بالخير والبركة.
          وقيل: الصلاة مشتقة من الصَّلَويْنِ تثنية الصَّلا؛ وهو ما عن يمين الذَّنَب وشماله، قاله الجوهري.
          وقال محمود العيني: هما العظمان الناتئان عند العجيزة؛ وذلك لأنَّ المصلِّي يحرك صلاته في الركوع والسجود، وقيل: هي مشتقة من المصلي؛ وهو الفرس الثاني من خيل السباق؛ لأنَّ رأسه تلي صلوي السابق، وقيل: أصلها من التعظيم، وسُمِّيتْ العبادة المخصوصة صلاةً لما فيه من تعظيم الرب، وقيل: من الرحمة، وقيل: من التقرب من قوله: شاة مصليَّة؛ أي: قربت إلى النار، وقيل: من اللزوم.
          قال الزجَّاج: يقال صَلِيَ واصْطَلَى إذا لزم، وقيل: هي الإقبال على الشيء، وقيل: هي مشتقة من صَلَّيْتُ العودَ على النار إذا قوَّمْتَه.
          قال القسطلاني: فالمصلِّي من وهج السطوة يتقوَّم اعوجاجه، ثم يتحقق معراجه، ومن اصطلى بنار الصَّلاة وزال عوجه لا يدخل النار؛ وهي صلة بين العبد وبين ربه تعالى، وجامعة لأنواع العبادات النفسانية والبدنيَّة من الطهارة، وستر العورة، وصرف المال فيهما، والتوجه إلى الكعبة، والعكوف للعبادة، وإظهار الخشوع بالجوارح، وإخلاص النيَّةِ بالقلب، ومجاهدة الشيطان، ومناجاة الحق، وقراءة القرآن، والنطق بالشهادتين، وكف النفس عن الأطيبين، وقد شرع الله تعالى فيها الذكر سراً وجهراً ليجمع للعبد فيها ذكر السر وذكر العلانية، فالمصلِّي في صلاته يذكر الله في ملأ الملائكة ومن حضر من السامعين، قال الله تعالى في الحديث الثابت عنه: ((إنْ ذكرنِي في نفسهِ ذكرتُهَ في نفسي، وإِنْ ذكرنِي في ملأ ذكرته في ملأ خيرٍ منه)) [خ¦7405] ويريد بذلك الملائكة المقرَّبين المكرَّمين الذين خصَّهم لحضرته؛ فلهذا الفضل شرع لهم في الصلاة الجهر بالقراءة والسر.
          وأمَّا في الشرع: فهي عبادة عن الأركان المعلومة والأفعال المخصوصة. /
          فلما فرغ المؤلف عن بيان الطهارات التي منها شروط للصلاة شرع في بيان الصلاة، فلذلك أخَّرها عنها؛ لأنَّ شرط الشيء يسبقه.